آخر الأخبار

الحدث … والدرس

 

 


عز الدين البغدادي

 

آثار اعتقال قاسم مصلح آمر لواء الطفوف الذي كان تابعا للعتبة الحسينية، ثم تم فك ارتباطه بها لأسباب لا تخفى على من له معرفة بمسار الأمور في محافظة كربلاء حيث ارتبط لاحقا بالحشد الشعبي في محافظة الأنبار.. نتفق جميعا ولو نظريا أنه لا أحد فوق القانون، وأن الرجل إذا كان بريئا من تهمة اغتيال بعض الناشطين فمن الطبيعي أن يطلق سراحه وإن ثبت  العكس فلا أحد فوق القانون (وأذكّر نظريا على الأقل). ما حدث يمكن أن يكون درسا هاما للأخوة في الحشد الشعبي وقياداته، فالحشد الذي ضحى بآلاف من أبناءه والذي ارتبط النصر باسمه، فقد كثيرا من شعبيته بسبب بعض الشخصيات الفاسدة التي استغلت اسمه وتاجرت بدماء أبنائه..

 

 وصارت تتعامل مع الدولة وسلطاتها باستعلاء وتكبر، حتى وصل الأمر بتهديد رئيس الوزراء بقطع أذنيه.. لا أدافع طبعا عن رئيس الوزراء، فالرجل ضعيف جدا وهو مجرد دمية تحركها قوى سياسية معروفة، ولهذا هو موجود في منصبه.. لكن اهانة المنصب هو أمر خطير وأدى الى انخفاض خطير في سمعة الحشد وقيمة تضحياته، هذا فضلا عن التدخل في قضية المظاهرات والتهجم على ثورة تشرين ووصفها بالفتنة واتهام الشباب بالعمالة، كل هذا جعل الناس تشعر بالخوف من قوة لا تحترم القانون ولا السلطة واقعا بغض النظر عن شعاراتها.

 

اختلف الأمر كثيرا هذه المرة، والتهديد والوعيد لم يكن مجديا، والشخص الذي اعتقل ليس بالتأكيد في أفضل أحواله، ورئيس الوزراء (الفاهي) يشعر بالقوة هذه المرة لأنه تجاوز الوقت الحرج بدعم قوى سياسية داخلية وخارجية، والاهم الآن أن يأخذ قادة الحشد درسا مفيدا مما حصل، منطق القوة ليس له مستقبل والقرآن الكريم أشار إلى ذلك حيث قال: (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق و قالوا من أشد منا قوة أ و لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد قوة )، واهم جدا من يعتقد بأن الأمور يمكن أن تحل بالقوة او استعراض العضلات، اللا مبالاة وتجاوز القانون والتلويح بالقوة، والتغطية على الفاسدين لم تعد خيارات جيدة، تخويف المجتمع يعني ان الحشد يفقد قاعدته الشعبية وحاضنته، وهذا أمر خطير… يحتاج قادة الحشد إلى ان يفكروا جيدا وان يعيدوا ترتيب أوراقهم مع أبناء شعبهم، واذكرهم بأن الحشد كان حالة تطوعية اندفاعية في البداية، أما الآن فهو مؤسسة تأخذ رواتبها من الدولة، لذا فإن مقاتلي الحشد لن يكونوا بنفس الحماس لنصرة قياداتهم فيما لو تعرضوا لمثل ما تعرض له قاسم مصلح.

 

وعليهم ان يعلموا ان العلاقة مع اي جهة خارجية هي من اختصاص الجهات الرسمية في الدولة ضمن القنوات القانونية، وان أي تبرير فقهي لن ينفعهم ويتجاوز بهم هذه المرحلة الخطيرة، وبخلاف ذلك فسوف يمر الحشد بحالة تشبه قضية الانكشارية في الجيش العثماني، أو الحرس القومي أو غيرها من التجارب التي خرجت عن حدود المنطق والقانون.

 

نصيحة من مشفق… والله الهادي

إرسال تعليق

0 تعليقات