علي الأصولي
خاضت المذاهب الإسلامية ومدارسها الفقهية العقدية. خاضت منذ عصور
النشأة والتأسيس والتأصيل. حربا مبدئها من دروس المساجد إلى الشارع بعد تكثير
اتباع هذه المدارس الفكرية وكسب شخوصات أعيانها من تجار وقادة ووزراء وانتهاءا
برضوخ البلاط الحاكم ومسايرة من أكثر نفوذا بالساحة وأعظم تأثيرا على أفكار
وقناعات الناس.
وقد تطورت الأفكار النظرية بدخول مناهج الفلسفة اليونانية آنذاك
علاوة على أساسات المنطق الأرسطي فكانت التقاطعات في نهاية المطاف وكل عرف مشربه
بالتالي لحد يوم الناس هذا.
ولم تكن الإمامية في عصر النص تعبأ بمثل هذه المناكفات في الجملة
لركونها للخط التشريعي الحجتي على مستوى العقيدة والفقه متمثلا بوجود المعصوم وعلى
مدى أربعة قرون من حيواتهم.
وبعد عصر الغيبة وجد الإمامية أنفسهم منفردين ومواجهة أعتى مدارس
التفلسف الفكري من جهة والتفريع الفقهي الاصولي من جهة أخرى. فأستعانوا يتراثهم
الثر في سبيل خلق خط صد دفاعي نوعي في فترة ليست بالقليلة. ولكن هذا الجدار وخط
الصد لم يدم طويلا بعد طول غيبة الإمام(ع) ومواجهة المدارس وأسئلتها المقلقة على
طول خط التشيع في الغيبة الكبرى. ومن هنا ذهب قدامى أصحابنا واتخاذ جملة من العلوم
الآلية لفلترة الأفكار وتأصيلها على ضوء قواعد الكلام والمنطق والفلسفة ومن ثم
أصول الفقه.
ومن هنا شهدنا ما يسمى{نحت الأدلة} وصناعتها على ضوء كبرى الآيات
القرآنية والأحاديث المعصومية. إلى أن تطورت الأفكار جيلا بعد جيل حتى وصلت ذروتها
على يراع أقلام المحققين من فقهاء وفلاسفة وعرفاء وما أنتجته هؤلاء بمجموعهم أو قل
نصف منتوجاتهم التأليفية والتراثية هو من قبيل أفكارهم وارائهم على ضوء كبرى
المقولات الدينية بحسب صناعة الدليل.
وصناعة الدليل أو نحت الدليل ما شئت أن تعبر عنه فعبر مخرجاته لا
تلازم الواقع ونفس الأمر بقدر ما هي مجهودات فكرية اجتهادية خطأها وارد على كل حال.
وفي نفس الوقت فإن صناعة الدليل يكتسب الحجية الشرعية تنجيزا
وتعذيرا بشرط قوة الدليل وقيمته العلمية وقدرته على صموده في أتون المناقشات
والإيرادات التي تحوم حوله.
ما أريد بيانه، أن صناعة الدليل في الواقع الشيعي يمكن توظيفه وما
يخدم التطلعات السياسية وان كانت التنظيرات قالبها فقهي أصولي بمسحة عقدية. إلا
أنه بالتالي يخدم أيدلوجيات بعينها. وهذه المخرجات واقعها ليس من نفس النص وصريحة
بقدر ما هي من نحت الأدلة وبالتالي لا يمكن اعتبار أحكامها في خانة { فإذا حكم
بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على
الله وهو على حد الشرك بالله} فأفهم واغتنم ولا من مزيد وإلى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات