آخر الأخبار

قلم الأصول : القبر بين الإخفاء والإعفاء

 




 

 علي الأصولي 


حكم الإخفاء والإعفاء هل هو من الأحكام الأولية أو الثانوية .. وهل هو من الأحكام التأسيسية أو التفريعية ..

 

بحث الفقهاء مسألة (دوران الأمر بين التخصيص والنسخ)..

 

ومنهم شيخنا إسحاق الفياض إذ قال: تحصل مما ذكرنا أن علاج مشكلة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة يمكن بأمرين :

 

الأمر الأول : أن بيان الأحكام الشرعية يكون بنحو التدريج على طبق المصالح العامة والظروف الملائمة وليس بيانها دفعة واحدة أو في فترة زمنية خاصة بل بحسب الظروف والمصالح العامة وحيث أن المصالح العامة تتقدم على المصالح الشخصية فان تأخير البيان وان استلزم تفويت مصلحة شخصية عن المكلف أو وقوعه في مفسدة شخصية ولكن مصلحة العامة أهم من ذلك فاذاً المصلحة العامة تقتضي تأخير البيان عن وقت الحاجة ولهذا النبي الأكبر (صلى الله عليه واله وسلم) لم يتمكن من بيان الأحكام الشرعية جميعا بل أوكله إلى الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بحسب ظروفهم الخاصة والمصالح العامة كان بيانها بنحو التدريج لا بنحو دفعة واحدة فعندئذ لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة.

 

الأمر الثاني : أن تأخير البيان عن وقت الحاجة حيث انه من المولى الحكيم فلا يمكن ان يكون جزافا وبلا مصلحة وبلا نكتة تبرر ذلك فاذاً في التأخير لا محال تكون مصلحة اقوي من مصلحة الواقع التي تفوت عن المكلف او في التقديم مفسدة ملزمة اقوي مصلحة التقديم فمن اجل ذلك يكون تأخير البيان حسنا وواجبا وتقديمه يكون قبيحا فتأخير البيان عن وقت الحاجة إنما هو لمصلحة في التأخير وهي اقوي من مصلحة الواقع أو لوجود مفسدة ملزمة في التقديم وهي أقوى من مفسدة التأخير فيكون تأخير البيان من المولى الحكيم لا محال ان يكون من اجل مصلحة او في التقديم مصلحة ولا يعقل ان يكون جزافا، الى هنا قد تبين انه لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة وهل هذه البيانات الصادرة من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) هل هي مخصصة لعمومات الكتاب والسنة أو أنها ناسخة لها ؟

 

لا شبهة ان هذه البيانات الصادرة من الأئمة (عليهم السلام) لسانها لسان الحكاية عن الواقع والشريعة المقدسة فأنها تدل على ان الحكم المجعول في الشريعة المقدسة هو الحكم الخاص دون العام فان اللسنة هذه البيانات اللسنة الحكاية عن الشريعة المقدسة وتدل على مضمونها وهو الحكم الخاص وهو المجعول في الشريعة المقدسة دون العام فان لسان الأئمة لسان الحكاية عن الشريعة المقدسة فمن اجل ذلك يكون الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بمثابة متكلم واحد مع النبي صلى (الله عليه واله) بالنسبة عن الحكاية عن الشريعة المقدسة فمن اجل ذلك اذا صدر عام من النبي وخاص من الأئمة يحمل العام على الخاص، أو إذا صدر عام من إمام وصدر خاص من إمام آخر يحمل العام على الخاص وكذلك الحال في المطلق والمقيد والاظهر والظاهر والحاكم والمحكوم مع ان المعتبر في حمل العام والخاص ان يكون صادرين من متكلم واحد فان العام اذا صدر من متكلم والخاص صدر من متكلم آخر فلا وجه لحمل العام على الخاص ولا يمكن جعل الخاص قرينة لبيان المراد من العام لذا من شروط حمل العام على الخاص ان يكونا صادرين من متكلم واحد حقيقة أو حكما كالأئمة الأطهار (عليهم السلام) من الواضح ان لسان الأئمة لسان الحكاية عن الشريعة فاذاً البيانات الصادرة منهم فهذه البيانات تحكي عن الأحكام الشرعية المجعولة في الشريعة المقدسة وحيث ان لهذه البيانات احكام خاصة فهي تدل على ان المجعول في الشريعة المقدسة هي الأحكام الخاصة من الأول دون الأحكام العامة فمن اجل ذلك لابد من حمل هذه البيانات على التخصيص لا على النسخ فلا يمكن حملها على النسخ فان حمل هذه البيانات على النسخ بحاجة الى مقدمة زائدة وهي الالتزام بان الأحكام العامة التي قد صدرت في الكتاب والسنة فهذه الأحكام العامة احكام واقعية وهذه العمومات عمومات واقعية قد صدرت من المولى ومرادة للمولى وقعا وجدا وهذه الأحكام العامة مستمرة واقعا الى زمان صدور هذه البيانات من الأئمة الأطهار (عليهم السلام)فاذا صدرت هذه البيانات من الأئمة الأطهار فهي ناسخة لهذه الأحكام العامة في الكتاب والسنة ومعنى النسخ ارتفاع الحكم في مرحلة الجعل بارتفاع أمده وبارتفاع عمره فان أمد هذه الأحكام العامة المجعولة في الشريعة المقدسة التي هي مرادة للمولى واقعا وجدا هذه الأحكام مستمرة الى زمان صدور البيانات من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) اذا صدرت هذه البيانات تنتهي هذه الأحكام بانتهاء أمدها وهذا معنى انها ناسخة لها، ولازم ذلك ان يكون للسان هذه البيانات للسان جعل الأحكام الخاصة من حين صدورها من الأئمة (عليهم السلام) وهذا مما لا يمكن الالتزام به فان تشريع الاحكام الشرعية وجعلها من الله تعالى وتقدس نعم قد اوكل جعل الحكم نادرا الى الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) والا فجعل الاحكام الشرعية وتشريعها من الله تعالى وبيانها من النبي والائمة (عليهم السلام) فلو كانت هذه البيانات الصادرة من الائمة (عليهم السلام) ناسخة فمعناه ان الاحكام الخاصة مجعولة من الان وهذا لا يمكن الالتزام به فان الوحي قد انقطع بعد وفاة النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وشئن الائمة بيان الاحكام الشرعية المجعولة في الشريعة المقدسة فمن اجل ذلك لا يمكن حمل هذه البيانات على النسخ فيتعين كونها مخصصة لعمومات الكتاب والسنة وانها تدل على ان المجعول في الشريعة المقدسة هو الاحكام الخاصة دون الاحكام العامة فاذاً يتعين كون هذه البيانات الصادرة من الائمة (عليهم السلام) في زمانهم هذه البيانات مخصصة لا انها ناسخة فلا يعقل حملها على النسخ، هذا كله في ما اذا كان الخاص متأخر عن وقت الحاجة للعام.

 

واما اذا كان الامر بالعكس بان يكون العام متأخر عن وقت العمل بالخاص صدر من المولى الخاص ووصل وقت العمل به وصدر منه العام بعد وقت الحاجة والعمل فهل هذا الخاص مخصص لهذا العام او ان العام المتأخر ناسخ لهذا الخاص، فيه وجهان :

 

الوجه الأول : ذهب صاحب الكفاية الى ان هذا الخاص مخصص للعام ولا فرق في تخصيص الخاص للعام بين ان يكون متقدم او متأخرا فقد علل ذلك بكثرة التخصيص في الشريعة المقدسة حتى قيل ما من عام الا وقد خص وندرت النسخ في الشريعة المقدسة فكثرة التخصيص وندرت النسخ قرينة عامة على حمل الخاص في المقام على التخصيص لا جعل العام ناسخ للخاص بل جعل الخاص مخصص للعام .. انتهى:

 

وما يهمنا في المقام موضوعة تشريع الإمام المعصوم أو عدم إمكانية التشريع كوظيفة من وظائف الإمامة الإلهية،

 

بصرف النظر عن ما اشتغل عليه المعصوم هل هو نسخ أو تقيد العمومات. فالشيخ الفياض يذهب إلى إمكانية وجواز ووقوع (تأخير البيان عن وقت الحاجة) بعد علاج ذكره أعلاه.

 

وبالتالي وعلى مبناه فلا (قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة).

 

ويرد عليه: أن الأصل الموضوعي هو (قبح التأخير عن وقت الحاجة) وان حاول الفياض التفص من المشكل بدعوى نكتة المصالح العامة وتزاحم الملاكات، فهذا اجتهاد منه لا نرتضيه بحال من الأحوال، هذا أولا:

 

وثانيا: الشيخ خلط بين البيان المفهومي والبيان المصداقي، ودونك تصريحات الأئمة(عليهم السلام) وكونهم مجرد رواة لأحاديث النبي(صلى الله عليه واله) وشراح ومبينين للشريعة وموضحين معالمها، فهم بالتالي ليسوا أنبياء وليس عندهم أو ينزل عليهم وحي التشريع، وبالمحصل وظيفة الإمام غير وظيفة النبي(صلى الله عليهم) فالنبي مشرع والإمام مفرع،

 

إذ أن الإمام يستفاد الأصول الاصلية المفاهيمية من كبرى أحاديث الرسول الأكرم(ص) ودونك القرآن الكريم الذي بين حقيقة وظيفة النبي(ص) الحصرية،

 

ثالثا: يلزم من رأي الفياض إمكانية بل وقوع الاجتهاد من قبل المعصوم وهذا اللازم لا يرتضيه حتى نفس الشيخ إسحاق الفياض،

وكيف كان: ما أريد بيانه وان كانت هذه المقدمة أصولية طويلة نوعا ما، أن دعوى الوصية التأسيسية من قبل أمير المؤمنين(ع) وإخفاء قبره وإعفاءه، تناسب مبنى الشيخ الفياض وتأخير البيان عن وقت الحاجة، التي لم يرتضها الشهيد الصدر الأول في تعارض الأدلة، وبالتالي ما ذهب إليه البعض خلاف ودعوى تتبنى مدرسة السيد الصدر الشهيد الأول الأصولية فتفطن ...

 

إرسال تعليق

0 تعليقات