علي الأصولي
الأصل في معرفة الله على نحو حقيقة كنه النفي الأبدي، وكل ما قالوا
ويقال في هذا الصدد فهو عبارة عن وصف محدود إلا محدود ومتناه للامتناه. ومن هنا
عبر ابن عربي عن هذا المعنى بقول:
نعت المهمين بالإطلاق تحييد
وكل ما قيل فيه فهو تحييد
ومن هنا بدأ الفضول الإنساني ورحلته الكشفية في عالم اصطلح عليه
عند أهله بعوالم أو الأسفار الأربعة. على أن هذه الأسفار رحلتها لا تتجاوز السفر
والرحلة الاسمائية والصفاتية. منهم من شد الرحال نظريا ومنهم من التحق لهذا السفر
عمليا ومنهم من جمع الآمرين معا.
فكانت رحلة الاستكشاف واصلها عبر البوابة والقناة الرسمية لهذا
الطريق متمثلا بالقرآن الكريم وعن طريق بيانات المعصوم حسب الأدبيات المدرسة
الإمامية أو عن طريق مشايخ وأرباب الطريق بحسب أدبيات المدارس الصوفية وان ادعوا
بالنتيجة أن طرقهم ترتبط بالمعصوم في نهاية المطاف.
فالسفر هو حالة تجل وانكشاف عن طريق توجه النفسي والفكري والقلبي
والجسدي للحق تعالى،
وأول مقدمة من مقدمات السفر هو أداء الفرائض ومستحباتها على أن هذه
المقدمة تكون ملازمة ابتداءا وبقاءا بدون أي إهمال أو تعطيل أو تسفيه أو مخادعة
ونحو ذلك. في طول عمود السير المعنوي. على أن الفرد سوف يطوي بمفرده (على رأي أحد
المسالك) أو بمعية شيخه إبتداءا(على رأي مسلك آخر) أربعة أسفار:
أولها: السفر من الخلق للحق. وهو سير مختص بمنازل النفس حيث التوجه
لله لنهاية مقام القلب عندهم. حيث مبدأ الأسماء وتجلياتها من عالم المادة والكثرة
إلى عالم الوحدة. فإذا كان القصد لزم عدم الالتفات وهذا المسير لعالم الكثرة
والتركيز لعالم الوحدة الذي احتجب بالكثرة. فالانشغال الدنيوي كفيل بالغفلة عن
الله.
بل إن هذه الكثرة وتراكهما تكون بعضها حجابات عن البعض الآخر
بالتالي الغفلة ليست مختصة بالله وعالم الوحدة بل حتى شملت نفس هذا العالم مع
تكثراته عن الفرد.
وأول شرط للصحو والصحوة هو الالتفات على حقيقة غيبها عالم الكثرة -
مشاغل النفس ومتطلباتها والمعيشة واحتياجاتها والسياسة ومشاكلها ونحو ذلك - إلا أن
الالتفات من الغفلة ليس سهل المؤونة ربما يحتاج الغافل إلى صعقة أو صدمة أو عصف
ذهني من موقف أو أية أو رواية أو مقال توعوي أو فرد ناصح أو حكمة أو كلام من منافق
أو مجنون أو عبارة من شيخ طاعن بالسن أو امرأة عجوز أو أي شيء آخر خلقه الله ولذا
سمعنا في الحكمة(أن الحق نطق على لسان الخلق) .
وأما البقاء في تعلقات المادة والانا التي استفحلت على حساب
الحقيقة والبساطة فرجوعها ليس بالسهل والتفاتها ليس بالهين. ناهيك عن تعلقات النفس
وشهواتها ومكاسبها وفخفختها ومناصبها وكثرة خفق النعل المفضي بالتالي الخلود للأرض،
لا أريد الإطالة في هذا البيان إلا لغرض التنبيه وصعوبة زوال الغفلة
إذ أن زوالها مشروط بالوعي والاستماع لجهة معصومية وتأمل في بيانات الكتاب والعترة
في حدود ما ذكروه وخارطة الطريق إذ ربما هذه الخارطة تختلف وتخالف كل بيانات
العرفاء والمتصوفة منذ عرفوا لحد كتابة هذه السطور والى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات