علي الأصولي
لا رشد إلا بعد
البلوغ وهذا أصل موضوعي ينبغي عدم الإغفال عنه بحال من الأحوال،
ومع عدم الرشد
فالولاية باقية وحاكمة ولا ترتفع هذه الولاية إلا بعد بلوغ الإنسان الرشد(فإن أنستم
منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) النساء آية 6.
وقد فهم الفقهاء من
هذه الآية تعليق دفع المال لليتامى إلا بعد حصول شرطين: أولها: البلوغ، وثانيهما: الرشد،
حيث قالوا أن حصلت المعرفة والاطمئنان للولي وحسن تصرف اليتيم بأمواله وعدم
تبذيرها فهنا لا مناص وتسليمهم المال وارتفاع موضوعة فالولاية عنه،
وقد قلت: في غير هذا
المقام أن المورد لا يخصص الوارد وأن عنون القرآن الكريم مقولة المال في الآية. وما
اذهب إليه الشمول والأعم من التصرفات المالية والقدرة على استثمارها بشكل حسن
وممدوح، حيث يمكن أن تستكشف مقولة الرشد وتلبسها باليتيم بحسن الفهم والفطنة
والانتباه وهذا يعرف من خلال التصرفات والأفعال والأقوال الحكيمة، فإن كان فيها
ونعمت، وإن لم يحسن التصرف والقول والفعل ونحو ذلك فلا يمكن أن يكون رشيدا وان
بلغ،
ان الرشد يأتي بعد
البلوغ نعم ربما يتأخر عنه قليلا أو كثيرا تبعا لتربية الفرد واستعداده وتعقد
الحياة الاجتماعية وبساطتها. بالتالي لا سن محدد ومقولة الرشد وحصول الأهلية، ولذا
من كان غير مؤهل فلا قرار له ولذا أشار القرآن الكريم بقول( ولا تولوا السفهاء أموالكم
التي جعل الله لكم فيها قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) والسفيه
بمعناه العام هو من لا يحسن التصرف ولا يعرف المصلحة من قبيل الصبي والمجنون
والمحجور عليه للتبذير،
وجامع هؤلاء - الصبي
والمجنون والمحجور عليه - جامعهم عدم معرفة المصلحة والمفسدة،
وعليه: فالرشد
اللغوي هو إصابة وجه الأمر والطريق وعند بعض أهل اللغة هو - خلاف البغي - ونقيض
الضلال.
وفي الاصطلاح: ذكروا
بأن الرشد هو كيفية نفسانية تمنع من إفساد المال وصرفه في غير الوجوه اللائقة
بأفعال العقلاء،
فتفسير الرشد بلحاظ
مالي فقط وفقط كما أختاره جمهور الإمامية والحنفية والمالكية والحنابلة، بقول - إصلاح
المال وتدبيره - من التفاسير الضيقة نظرا لسعة المفهوم.
فلا نذهب إلى هذا
الحصر الذي ذكره صاحب - مفتاح الكرامة - بدعوى أن هذا الفهم هو ما عليه عامة من
تأخر من الإمامية وحدده المحقق الحلي بمفاد - أن يكون الفرد مصلحا لماله، وهل
تعتبر فيه العدالة؟ فيه تردد،
نعم: وجدنا الطوسي
في - الخلاف والمبسوط - وسع من مفهوم الرشد من كونه في المال إلى كونه في الدين،
بلحاظ أن الراشد في الدين هو ما لم يقرب ويقترب المعاصي، ووافقه عدد من الفقهاء،
وهذا أيضا من التفاسير التي نجدها تدور في الدائرة الضيقة من مفهوم الرشد العام،
المهم: استكشاف وجود
الرشد عند الفرد يمكن يتم باختيار ونحو ذلك، وما يناسب التصرفات وعدم الغبن
والمغابنة أن كان تاجرا والمحافظة على المال أن كان صانعا على ما ذكروا.
فإن تم الاختيار أو
الشهادة على النضج الرشدي فهو المطلوب.
وفي ختام هذه الأسطر
لا بأس واستعراض الفرق اللغوي القرآني بين
الرُشد - و -الرَشَد - و- الرشاد -
الرُشد (لاَ
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) البقرة
والرَشَد (فَأُوْلَئِكَ
تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) الجن)
والرشاد (وَمَا
أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر)؟
قال: الفقيه اللغوي
فاضل السامرائي:
الرُشد يقال في الأمور
الدنيوية والأُخروية أما الرَشَد ففي الأمور الآخروية فقط، هكذا قرر علماء اللغة.
(فَإِنْ آنَسْتُم
مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) في الدنيا،
(لاَ إِكْرَاهَ فِي
الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) البقرة)،
(وَقُلْ عَسَى أَن
يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) الكهف
الرُشد في الأمور
الدنيوية والأخروية أما الرَشد ففي الأمور الأخروية لا غير فالرُشد أعمّ واشمل.
الرشاد هو سبيل
القصد والصلاح (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر) أي سبيل
الصلاح عموماً، طريق الصواب. الرشاد مصدر.
المادة اللغوية
واحدة لهذه الكلمات وهي كلها الرُشد والرَشد والرشاد كلها مصادر. رشِد ورَشَد. ولاحظ
حين أوى الفتية إلى الكهف لم يسألوا الله النصر ولا التمكين .. فقط قالوا :
" ربنآ ءاتنا
من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا ".
والرشد هو: إصابة
الحقيقة .. وهو السداد .. وهو السير في الاتجاه الصحيح .. ..نقول أرشده الطريق اي
هداه إليه ودله عليه والراشد العاقل المتزن الذي لايضل ولا يتيه ويتجنب مواطن
الزلل والسفه. ونقول بلغ الصبي أو الصبية سن الرشد اي أصبح قادر على إدراك ما
ينفعه ويضره وليس بحاجة إلى ولي أو وصي يتولى إدارة أموره فإذا ملكت الرشد .فقد
ملكت النصر و لو بعد حين .... وعلمنا القرآن هذا الدعاء "وقل عسى أن يهدينِ
ربي لأقرب من هذا رشدا" أنت تختصر المراحل و تختزل الكثير من المعاناة
وتتعاظم لك النتائج حين يكون الله لك "وليا مرشدا " كذلك حين بلغ موسى
الرجل الصالح لم يطلب منه إلا أمرا واحدا : " هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت
رشدا " إذا هيأ الله لك .. أسباب الرشد ..
فقد هيأ لك ... أسباب
الوصول أتقنت تحصيل الأمور ( اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا ).. والحمد لله رب
العالمين ..
0 تعليقات