جمال الحبوبي
لعل الكثير من الناس
أو المهتم في حركة الشهيد الصدر الثاني يراه أنه دخل الوسط الحوزوي وطرح نفسه
لقيادة المجتمع ومقام المرجعية من الترف الفكري أو من أجل أن يكون رقما في
المعادلة الحوزوية والمدرسة الأصولية ذات المنهج المرتبط بالاجتهاد والتقليد كما
هو حال الكثير من فقهاء المسلك التقليدي في هذا الوسط..
إلا أن شهيدنا الصدر
الثاني ليس كذلك أبدا إطلاقا وإنما كان دخوله إلى ذلك المعترك الحوزوي هو من أجل
الإصلاح وتحرير عقول الشيعة التي استعبدتها العمائم في منهج المدرسة الأصولية على
طول تأريخ الغيبة الكبرى وعصر نشوء مذهب المدرسة الأصولية إلا القلة منهم والذين
اما قتلوا أو أقصوا عن دفة القيادة .
لذا فإن الشهيد
الصدر الثاني قدس كان غير مقتنع بالوسط الحوزوي ولا بالمؤسسة الدينية ككل وهو أجبر
تكليفا للدخول للمعترك الحوزوي لإخراج الشيعة من حيرتها وإصلاح ما أفسدته زعامات
المعترك الحوزوي وكلفه ذلك الإصلاح دمه الطاهر.
ولقد عبر الشهيد
الصدر الثاني عن أسباب دخوله المعترك الحوزوي قائلا: ( حبيبي أنا لم أدخل المعترك
الحوزوي أن ارتدائي الزي كان ابتداء درسي في الحوزة وهذا صحيح ولا زلت الحمد لله
أنا من دارسي الحوزة _لو صح التعبير _ ولكن لم أدخل المعترك الحوزوي لأنه أنا طبعي
كان ولربما لازال إلى حد ما وأن كان مكبول طبعا هذه الأيام لأن المصلحة تقتضي خلاف
ذلك لكني عموما أكره الاتصال بالمجتمع وكثرة الناس وكثرة المناسبات ففي صغري
وشبابي وقسم كبير من حياتي كنت منعزلا يعني جهد الإمكان اتصل بالناس أقل المجزي
بمقدار ماهو طبعا تدريس ودراسة وبعض المناسبات القليلة مثلا مجالس الفاتحة وشيء من
هذا القبيل ... وأنا أيضا فضلت البقاء وحدي من دون الانتساب إلى مرجع معين ...
أولا ليس لي خلق المجتمع ككل وليس لي خلق
المرجعيات ككل وليس لي خلق أن أدخل في المعمعة وأن قلتَ قُلتُ والإشكالات التي
يثيرها بعض المراجع على بعض هذا كله كنت منقطعا عنه بالمرة لكن طبعا لن يستمر
طويلا أكيد ... لأنني إنما تصديت للمرجعية
للتكليف الشرعي انني وجدت هناك مواقف ووجدت هناك مظالم ووجدت هناك اهمالات كثيرة
في الحوزة وفي الشيعة عموما وجدت مصلحة لعل الله تعالى يجعلني السبب لشيء من هذا
القبيل نفع بشكل من الأشكال وإصلاح وتدارك ماتبقى ) لقاء الحنان.
وبعد أن أجبر الشهيد
الصدر الثاني تكليفا للدخول للمعترك الحوزوي وجد الكثير من المفاهيم والثقافات
والعقائد الخاطئة والباطلة في الحوزة والمجتمع فرفض البعض منها وتبرئ منها ونبه
المجتمع من بطلانها وخطأها منها على سبيل المثال لا الحصر ظاهرة تقبيل اليد!! وظاهرة
بعض المراقد الوهمية وظاهرة رمي النقود والأموال في الأضرحة والعتبات المقدسة
وظاهرة القداسة المزيفة لرجل الدين والعمامة حتى حرم على رجال الدين والمعممين
المشاركة في العمل السياسي وحرم حتى العمل المسلح خارج إطار الدولة. فانزعجت
زعامات المعترك الحوزوي منه واجتمعوا على حربه وتسقيطه وتصفيته معنويا تمهيدا
لتصفيته جسديا على يد أسيادهم في بريطانيا بواسطة شرطيهم صدام حسين ونفذوا تلك
الجريمة وقتلوا الصدر محمد وقمعوا ثورته وحركته الإصلاحية الرائدة.
0 تعليقات