علي الأصولي
لا يمكن الوقوف على
الجو العام فيما يخص السفير الحسين بن روح النوبختي ما لم نقف على الأجواء
السياسية القائمة آنذاك،
لقد عاصر النوبختي
حكم الخليفة العباسي المقتدر الموصوف بضعيف الإرادة حيث فوض أمر خلافته وشؤون
دولته لصبيانه ونساءه ورجال قصره من قادة الجيش، حتى انتشرت جراء هذا الضعف الفوضى
والاضطرابات في بغداد وسائر ولايات الخلافة، ومن ضمن من آلت إليه تسير الأمور
الوزير ابن الفرات وهو من وزراء الشيعة آنذاك ومنها كانت لابن روح حظوة في البلاط،
إلا أن المشكلة كانت على اثر سقوط هذا الوزير الشيعي فقد طارده حامد بن العباس بعد
أن استوزر الوزارة، بل وطارت آل الفرات عن بكرة أبيهم، ولم يسلم من مطارته الحسين
بن روح النوبختي وهنا حاول النوبختي أن يختفي عن الأعين خوف المطاردة غير أن عليه
أن ينصب خلفه وكيلا يدير الشؤون حيثما تنتهي الأزمة فكان الخيار على محمد بن علي
الشلمغاني كبير فقهاء الشيعة ومرجعهم الديني آنذاك،
وعلى ما يبدو لي ومن
خلال النقولات أن الشلمغاني لم يرتضي لنفسه وكالة سفير أدنى منه رتبة بالعلم بل
غاية ما يستند إليه السفير الوجاهة وتوصية من سفير سابق،
فكانت هنا الفتنة
والافتتان بالنفس والعلم والأنا والاغترار بالذات،
نعم: لم يغتر
الشلمغاني بعلوم الظاهر فحسب بل اغتر بمسائل واعتقدها من علوم الباطن والحقيقة
التي يفترض أن لا يطلع عليها غير الاوحدي فكان يؤمن مثلا بمقولة الحلول التي تسربت
من أفكار غتوصية قديمة، فكان الطموح للنجومية والتصدر هو الهاجس المقلق عند
الشلمغاني كما كان عند سلفه الحلاج،
فما كان من السفير
ابن روح وهو قليل الرتبة العلمية قياسا وعقلية الشلمغاني إلا أن يصدر كتابا بطرده
وللعنة من سجنه الذي دام خمس سنوات، غير أن القدر كان في صالح النوبختي وأطلق
سراحه بعد أن اقتحمت قوة عسكرية قصر المقتدر بقيادة مؤنس المظفر ، فخرج النوبختي واستأنف
نشاطه التنظيمي،
غير أن هذا الانفراج
لم يدم طويلا حتى تم إعادة المقتدر للخلافة وسدتها، وبدأت حملات التحريض على
السفير بدعوى مشاركته الثوار على الخليفة مع أنه كان في السجن،
0 تعليقات