آخر الأخبار

فقه العقيدة : الأصل في المعصوم هو البشرية ..

 




 

علي الأصولي

 

من الأصول الموضوعية والمنهجية البحثية في أحوال وشؤون ومقامات المعصوم - نبيا مرسلا كان أو إماما - من الأصول هو أصالة بشرية المعصوم، وكل ما زاد على هذا الأصل فهو يحتاج إلى دليل، دليل من القرآن الكريم والسنة القطعية،

 

فالأصالة منتزعة من أصناف النوع الإنساني وأفراد الإنسان بالخارج فالأصل في هؤلاء الأفراد هو بشريتهم وكل صفة زائدة على هذا الأصل الأصيل تحتاج إلى مبرز بالخارج حتى يتم الاستثناء، استثناء هذا الفرد دون ذاك ،

 

فمثلا لا فرق ظاهرا وبحسب الخلقة بين الفرد المعصوم وأي من الطغاة، ولكن باطنا وجوهرا وحقيقة فالتباين من الوضوح بمكان،

وعدم الفرق الظاهري بلحاظ الجهل تارة والغفلة تارة أخرى والعناد والتعصب تارة ثالثة، هو منشأ النزاع قديما وحديثا إلى أن يشاء الله،

ولذا تجد أن الجاهل والغافل والمعاند، تجدهم في مسارات الجدل والاعتراض والرفض على طول الخط وعدم الاقتناع بمنزلة النبي - أي نبي - أو الإمام - أي إمام - وتمسكهم بالأصل الأولي وهو بشرية الإنسان، واعتراض هؤلاء على ما زاد عن بشريتهم وصورتهم من قبيل النبوة والرسالة والإمامة وغير ذلك من الماورائيات التي للمعصوم المساحة والتحرك بها، بصرف النظر عن سعة هذه المساحة وكل بحسبه بالتالي.

 

وهذا - الإشكال - أصالة البشرية - وعدم تعدي مساحة البشر المادية، نبه عليه القرآن بل صرح في غير آية من قبيل قوله تعالى(قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ﴿33 الحجر﴾ وكما تلاحظ أول من آثار إشكالية الأصل البشري هو إبليس وبعده سار من سار بخطواته من الإنس وعلى اختلاف أزمانهم وأماكنهم وأفكارهم وأديانهم،

 

وهذا ما يمكن ملاحظته ورصده في قوله تعالى(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ // إبراهيم / ومع أن هذا الأصل أصيل وصحيح تجد من يحتج به كل محتج بصرف النظر عن حسن نيته من خبثها، ولذا تفهم الأنبياء والرسل والأئمة(عليهم الصلاة والسلام) تفهموا هذا الأصل الموضوعي وحقانية التمسك به بدوا - ابتداءا –

 

فكان الجواب منهم(ع) حاضرا قال تعالى(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) إبراهيم /

بالتالي صحيح أن الأصل هو للبشرية ولكن هناك عملية اصطفاء واجتباء واختيار وبالضرورة أن يحترم الإنسان - مطلق الإنسان - خيارات الله ومعرفته بواقع المصالح الدنيوية والاخروية وبالتالي التزام تقديم الأنبياء والرسل والأئمة(ع) على اعتبارهم أئمة الخلق الهداة كون البشر غير المعصوم محتاج ومحدود وجاهل ولا يمكن فتح قناة بين الناس بمفردهم وبين الله في (اللاتعين)

 

نعم: القوى البشرية غير المعصومة منطلقاتها ورؤاها ومفاهيمها محدودة ومحجوبة وبالتالي هي عاجزة وقاصرة عن تحقيق مصالحها الحقيقية خاصة فيما يتصل بالغيب وعالم ما وراء الطبيعة،

 

ومن هنا كان ولا بد وأخذ الحيطة والحذر وعدم الغفلة وضرورة الوقوع بنفس الفخ والمطب الذي وقع فيه كثير من الخلق بشأن بشرية الإمام المهدي(ع) في ظهوره غير المعلن

 

وكيف كان: هذه دعوة للمراجعة والتأمل وهذه الآيات علاوة على ما سبق وقوله تعالى(-فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ) التغابن/

 

وقوله تعالى(-وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا) الإسراء/

 

 وبالتالي نفهم التوازن بين الأصل والزيادة بالدليل كقوله تعالى(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ)

الكهف/

 

ونحذر ولا ننساق ودعوات من قبيل قوله تعالى(-مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) المؤمنون/

 

وقولهم(مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ) المؤمنون  وقوله(-وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ) المؤمنون وغيرها من الآيات ذات الإشارة وبنفس المضمون فتنبه ولاحظ وافهم وأغتنم والى الله تصير الأمور  ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات