هادي جلو مرعي
يذهب عراقيون، وكما يبدو إلى الاتفاق على أن
يستمروا في حرب أهلية غير مباشرة، وغير معلنة عبر القرارات والمواقف والسوشيال
ميديا والمناكفات والانتخابات والتشنج والخطابات الطائفية، وافتراض أن الحق معي
ومن أراد الحق فليكن معي، وصرنا نسمع لشعارات وهتافات وخطابات الاجتثاث، فاجتثاث
البعث فعل مرحلة، وفوجئنا إن اجتثاث المنظومة السياسية الحالية مطلب فئات، واجتثاث
المنافسين مطلب هو الآخر، ونسف البعض للبعض هدف معلن، ولكننا لانملك شجاعة كافية
لنذهب إلى حوار مفتوح، ولمجرد انفعال (فخلاص) ولابد من إنهاء الخصم، والقضاء عليه،
وهو نسف لكل شروط التعايش السلمي.
مراقبة واعية للمشهد العراقي ترينا حجم
التوتر الذي يطبع سلوك المتخاصمين، وحجم الانفعال والحقد الذي لو سلط على أحد
لأثقل كأهله.
في مطلع الثمانينيات، ظهر حزب الله اللبناني
كقوة عسكرية تضاهي قوة دولة، وتتفوق عليها، بينما تمكن الحوثيون من الإمساك بصنعاء
وهي عاصمة القرار السياسي في اليمن، وتمكنت حماس من إشعال جبهة الجنوب الإسرائيلي،
ودوخت نتنياهو وحكومته، وشغلت الرأي العام، ووسائل الإعلام بعد تحول المعركة بينها
كمنظمة وإسرائيل كدولة الى إهانة ألهبت الشارع الإسرائيلي، وحطمت معنويات جنود جيش
الدفاع المنكسرين نفسيا وذهنيا.
في العراق، ومع ظهور داعش التي أربكت
الحسابات السياسية، وأسقطت الرهان العسكري ظهر الحشد الشعبي كقوة ردع مدعومة بفتوى
دينية، وكسب المعركة، وتحول الى قوة ضاربة مهيمنة، وجزءا من الدولة، وممثلة في
البرلمان والحكومة، وحققت مكاسب انتخابية مع كل ماواجهته من تحديات مرتبطة
بإقحامها ولو إعلاميا في الصراع مع التشرينيين، وركزت عليها قوى خارجية ووسائل
إعلام لتؤكد إضافتها إلى مجموعة الممنوعات، كحماس وحزب الله والحوثيين.
ويبدو
إن التخلص من الحشد الشعبي رغبة أمريكية وإقليمية، وهناك ترتيب مشابه لماحصل في
بعض البلدان، غير أن المهم الالتفات الى إن ضرب هذه القوى يقويها ولايضعفها
بالضرورة وهو سلاح ذو حدين، وليس بالضرورة كسرها كما يريد المناوئون لها، ويمكن
تتبع ذلك في سوريا ولبنان واليمن وجنوب فلسطين حين غيرت حماس المعادلة، ومع تصاعد
الحديث عن ضربات أمريكية لمواقع الحشد في العراق وماقد يسببه ذلك من إرتدادات في
المنطقة فإن على مناوئي الحشد، والراغبين بالتخلص منه أن ينتبهوا الى ماعليهم
القيام به في حال فشل المحاولة الأمريكية تلك، التي لن تسمح لهم بالقول: وأخيرا انتهى
الحشد الشعبي.
0 تعليقات