عز الدين البغدادي
قبل ثلاث سنوات كانت
لي زيارة الى تكريت، حيث ألقيت محاضرة في مديرية مكافحة الإرهاب على المعتقلين،
وكان لي حوار مع الضابط المسؤول. بعدها توجهت برفقة صديق كانت له مسؤولية محلية
الى المكان الأشهر الذي حصلت فيه مجزرة سبايكر، توقعت ان يكون هناك اهتمام كبير
بالمكان الذي أخذ جزءا من الذاكرة العراقية، لكني تفاجأت عندما رأيت أن المكان
مهمل وليس فيه اداري مسؤول عنه، سألت صديقي وقلت له: توقعت ان يكون هناك اهتمام
كبير بالمكان، فقال لي: شيخنا، هناك من سحب مبالغ كثيرة للقيام ببعض الأعمال حتى
يتحول المكان إلى محطة لاستقبال الزائرين من أهالي الشهداء ومن المواطنين
والمسؤولين، لكن الأموال التي صرفت لم تتجاوز بعض الأمور الشكلية البسيطة وغير المكلفة التي رأيتها
بعينيك.
لم يكن غريبا علي ما
حصل، فمشروع السلطة كله قائم على استثمار العواطف، كل شيء قابل لأن يكون موضوعا
للتفاوض: دماء الشهداء، الوطن، الدين، المذهب وما الى ذلك. والدليل أن جريمة بهذه
الخطورة لا زالت تفاصيلها غير معلنة بشكل رسمي، باستثناء المعلومات التي حصلنا
عليها من هناك او هناك والمعلومات التي تنتشر في المجتمع فإنه لا توجد رواية رسمية
تفصيلية، والمحاكمة التي أجريت لأشخاص يفترض أنهم ممن قام بهذه الجريمة لم تعلن
تفاصيلها، وأخذت اهتماما محدودا جدا من الرأي العام.
الأمر ليس مستغربا،
فالمتهم بقتل الأبرياء الفقراء يطلق سراحه في أقل من أسبوعين يقال لعدم كفاية الأدلة
ويقال لعدم وجود قضاء عادل، فماذا تنتظر؟ وممن تنتظر؟ في العراق دماء الشهداء
للاستثمار، ولا عزاء للأمهات ولا للآباء.
رحم الله شهداء
سبايكر، وكل شهداء العراق..
0 تعليقات