علي الأصولي
على هامش البحوث
الإلهية المتعلقة بمسألة الصفات والأسماء الإلهية في الفلسفة والعرفان والتصوف
والكلام والتفسير والفقه بحثوا مسألة (مسألة توقيفية الأسماء الإلهية من عدمها) فكانت
أبحاثهم حول صلاحية وعدم صلاحية تسمية الله تعالى وإمكانية وجواز إطلاق أسماء عليه
أو الاقتصار على ما ورد في الكتاب والسنة.
إذ أن أسماء الله
الواردة في القرآن الكريم وعلى ما نقل صاحب - الميزان ج5/ بلغت حدود(127) أو(128) اسما
لله...
ناهيك عن الأسماء
الواردة عن طريق السنة ودونك دعاء الجوشن الكبير على فرض تصحيح نسبته للمعصوم - نظرا
لتضعيف سنده عند العلامة الشعراني على ما نقل الباحث الشيخ حيدر حب الله -
الاتجاه الفلسفي لم
ير البأس في الإطلاق وعدم التوقيف ولذا وظفوا ألفاظا خاصة معبرة عن الذات الإلهية
من قبيل - واجب الوجود - أو - علة العلل - وغيرها من الألفاظ الدالة على معنى
الذات المقدسة الحاكية عنه بلسان فلسفي ودونك الحصر العقلي بينهم في تقسيمات
الوجود. ووافقم بهذا الاتجاه المتصوفة والعرفاء على مختلف مشاربهم حيث ذهبوا إلى
جواز تسمية الله بكل ما ثبت صحته عقلا بشرط عدم وجود فيه نقص أو لم يرد فيه نهي
بعينه من الشرع.
بالتالي هذا الاتجاه يرى عدم توقيفية الأسماء
الإلهية وهو مختار كثير من المعتزلة والإمامية والزيدية وبعض الأشاعرة على ما
نقلوا عنهم.
بينما ذهب الاتجاه
الفقهي العام وكثير من أهل الكلام - والغريب أن هؤلاء المتكلمين مع رفضهم ذلك إلا
أنهم يسطرون في كتبهم ألفاظ واجب الوجود - والمحدثين إلى عدم صحة وعدم جواز إطلاق
أي اسم لم يرد من النقل الشرعي.
وحجة هذا الاتجاه
أمران:
الأول: العقل: بتقريب
أن العقول قاصرة وعلى ضوء قصورها فلا يصح أطلاق لها العنان بتسمية الله كيفما كان:
وان تم الإطلاق من القاصر فهو - أي الإطلاق - قاصر لجهة النقص الغير مدرك ولا أقل احتمال
النقص بلحاظ التقصير. وعليه فلا يجوز إطلاق اسم لم يرد من كتاب أو سنة ولا أقل
الاحتياط سبيل النجاة والكف من مسألة لا نرى فيها تكليف والبحث عن أسماء إضافية.
بعبارة أخرى: أن
أسماء الله وجدت لغايات وواجدها حكيم وهذه الغايات بالتالي لا يصح التبرع بأسماء
أخرى من عنديات البشر مهما كانت عناوينهم وصفاتهم لأنهم دون طبقة المعصومين(ع) وفرض
اسم واجب الوجود أو الذات المقدسة أو أي اسم آخر ربما يحتوي على جهة نقص غير
ملحوظة بالعقول القاصرة وتكون بالتالي إشكالات بالإطلاق والتسمية وكيف كان: هذا
إدخال في الدين ما ليس منه وهو معنى البدعة المحرمة. والاحتياط سبيل النجاة ولزوم
طريق الشرع وسد الذرائع وإغلاق باب الفساد الالتزام بما ورد من الشرع أوفق وأصوب.
الثاني: الشرع: من
الكتاب قوله تعالى(ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها) بتقريب: أن الدعاء يمر عبر
قناة وبوابة الأسماء الإلهية وهذه الأسماء معلومة من طرق الشارع فقط وما دونه
فالكف. بالتالي لا يصح والتوجه بالدعاء باسم - غيب الغيوب - أو - الضرورة الأزلية -
أو - الطبيعة الواجبية - في مقام الدعاء بالرزق وطلب العافية ونحو ذلك. لا اقل عدم
مناسبتها والموضوع.
ومن الروايات: ما
روي عن الإمام الكاظم (ع) قوله: ان الله أعلى وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته
فصفوه بما وصف به نفسه وكفوا عما سوى ذلك - أصول الكافي/ج1،ص150 –
وعن الإمام الرضا (ع)
ليس لك أن تسميه بما لم يسمّ به نفسه، - توحيد الصدوق/ ص451 –
وعنه (ع): إن الخالق
لا يوصف إلا بما وصف به نفسه وأنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن
تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به جل عما وصفه الواصفون وتعالى عما
ينعته الناعتون. - أصول الكافي/ج1 ص186 –
ومن هنا ذهب هذا الاتجاه إلى توقيفية الأسماء فهذا الصدوق
صرح في - توحيده - بقول: وأسماء الله
تبارك وتعالى لا تؤخذ إلا عنه أو عن رسول الله أو عن الأئمة الهداة - ،ص300 - بل
هو ما عليه مذهب الإمامية كما يقول الشيخ المفيد : إنه لا يجوز تسمية الباري تعالى
إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه ص أو سماه به حججه ع من خلفاء نبيه
، وكذلك أقول في الصفات وبهذا تطابقت الأخبار عن آل محمد ع وهو مذهب جماعة
الإمامية -أوائل المقالات/ص54 –
الفلاسفة والمتصوفة
والعرفاء قالوا - في سبيل الدفاع عن فكرتهم وتخوف الآخر من مقولة عدم التنزية وأقل ما فيها اشتباه أنه لا
يُقطع بعدم خلوها مما يتنافى والتنزيه، من قبيل الاحتياط بلحاظ عدم تصوير الله أو
رسم صورته في الذهب من خلال اللفظ، قالوا: نحن نوفق وعدم إطلاق لفظ يخل بالساحة الإلهية
من قبيل النقص. ولكن لفظ واجب الوجود ودعوى كونه نقص أول الكلام. إذ أن هذه اللفظة:
حاكية عن حيثية كمالية بدعوى النقص لا تسقيم وهذا التنزيه. نعم لو ثبت نقصانها
وعدم لياقتها وعدم تناسبها نرفع اليد ونذهب إلى صوب التحريم. ومن هنا ينقل حسن
زاده آملي قول ابن تركة موافقا له: وقفية الأسماء في منظرهم الأعلى بمعنى أن كل
كلمة وجودية في مرتبتها الخاصة بحسب النظام الكياني الناشئ من النظام العلمي
العنائي الرباني، فلكل منها مقام معلوم لا تتجافي عنه ولا تبدل ولا تحول، وقد أشار
إلى توقيفية الأسماء بهذه اللطيفة الشريفة، انتهى: صائن الدين علي بن محمد التركة
في عدة مواضع من - تمهيد القواعد سرح العيون –
كما أن الآية (ولله
الأسماء الحسنى) لامها جنسية لا عهدية ومعناها. توجهوا إلى الله بالدعاء عبر كل
اسم حسن فإن كل اسم حسن فإن الله أحسنه. فمن عنده القوة فإن الله عنده تمام القوة
ومن عنده العلم فالله عنده تمام العلم وهكذا. بالتالي لا دليل واضح وصريح وحصر
الأسماء الإلهية. ولا أقل تنزلا غاية ما تفيد الآية هو الدعاء عبر بوابة الأسماء
الحسنى المعروفة ولكن لا دليل على عدم جواز إطلاق أسماء أخرى لا لغايات دعائية.
وأما الروايات التي
استدلوا بها فغايتها - بصرف النظر عن البحث السندي - غايتها مرتبطة بإشكالية
التجسيم وتوصيف الله بصفات المخلوقين وعدم إطلاق هذه الأسماء عليه والأخذ من الشرع
حصرا لمعرفة صفاته تعالى.
وكيف كان: لا أجد أي
مبرر وتحريم إطلاق الأسماء حتى لو لم نجدها في كتاب أو سنة بشرط عدم التنقيص من
شأن وعلو وساحة قدس الله تعالى. تبعا للكثير من الفقهاء ذو الميول الفلسفية
العرفانية إلى الله تصير الأمور ...
0 تعليقات