حسن مطر
ينشط المتحايلون حيث
ثمة ثغرات في الوعي. غالب الناس لعدة أسباب لا يمكنهم البحث بحذاقة لكشف ما يخدعون
به.
استعمل هذا المنتج
وسينقص وزنك كيلوين في الأسبوع، استثمر أموالك في مشروعنا بأرباح مضمونة وهائلة،
ادفع ٣٠٠ دولار لتضاعف فرصتك في الحصول على وظيفة، إليك هذا المستحضر الرائد
لتقوية الرغبة الجنسية،...الخ.
في كل شي تجد
النصابين وبائعي الوهم حاضرين ليجنوا فوائدهم من غفلتك وجهلك عبر استغلال ضعفك
وحاجتك. فأنت ربما لا تعرف في التغذية حتى تكتشف لحظتها عدم معقولية وأخلاقية
الترويج والوعد بخسارة بضع كيلوات في مدة محددة من خلال مستحضر، ولو كان ذلك ممكن
لانتهت مشكلة السمنة أصلاً.
كما لا يمكنك دائما
أن تتمتع بعقلية اقتصادية لتكتشف زيف الادعاء بأرباح خيالية غير ممكنة بالمعنى
الاقتصادي، أو أن تحصل على جائزة بمبلغ خيالي بمجرد اتصال أو أيميل مجهول يصلك، وهكذا
في كل شي.
لكن ما الحل لتجنب الاحتيال والغبن (scams) و (rip-off)؟ هل يجب أن تمتلك في كل شي علماً حتى لا تقع فريسة حظك العاثر مع
هؤلاء النصابين المتربصين؟
يبدو لي ان الحل
للتمتع باليقظة الكافية وشم رائحة الانتهازية من بعيد إزاء ذلك هو امتلاك منهج
طريقي في التفكير قائم على بنية عميقة للفهم ترتفع عن السطحية في مقاربة الأمور
بشكل عام.
بمعنى آخر التمتع بعقلية ترتكز على قواعد
كبرى - وليست صغرى بحسب علم المنطق - للتفكير تؤدي الى انساق من
الفهم العلمي بحيث تكون قادرة على تفكيك عناصر الواقع أو الموضوع بما يحمله من
قبليات وبعديات معرفية ضمن دوائر استقصاء داخلية وخارجية (جوانية وبرانبة) منفتحة
على مختلف مناهج البحث والتفكير المرتبطة
بذلك الموضوع أو الواقع.
من بين أكثر الأمور
التي نقع ضحايا فيها هو استغفالنا وخداعنا باسم الدين، بالحسنة والسيئة، بالثواب
والعقاب، بالجنة والنار، بالحلال والحرام...، والعبد الفقير المسكين لا يملك إلا
أن يسلّم ناصيته للكاهن وما يقوله فيسلّم له بالولاء والمال وهو ليس في موقع إن يساءل
ويثير زوبعة من الأسئلة حول تكوين وأسس المنظومة الدينية التراثية التي تتدخل في
حركاته وسكناته والتي تفرز لنا متول وموالٍ، فقيها ومقلِدا، شيخا ومريدا، "علماء"
وعواما.
هل رجل الدين متحايل
ويبيعك الوهم؟ لا ليس دائما بل لعله - وهم كثيرون جداً- نزيه وصادق ومخلص ولكن
بضاعته يجب أن تقلّبها جيداً من الأساس بمنهج رصين، لأنه اشتراها بل وورثها وظل
يتاجر بها ويسترزق ولا يعلم حقيقتها، فيخدعك بمفعولها وفائدتها المدعاة الغير قابلة للتجريب لأن المفعول مؤجل
لدار الآخرة. سينزعج من فحصك وتقليبك للبضاعة بعنوان "أنت لست متخصص"،
فلا تلتفت.
هل تشعر انك واقع تحت مخدرات وهمية في شيء ما؟
0 تعليقات