عامر بدر حسون
داعش تنظيم عراقي بنسبة تسعين في المائة.. وهو ابتلع أكثر من ثلث العراق
ووقف على أبواب بغداد منذ وقت قريب..
وهو خسر الدولة التي أقامها بعد معارك بطولية خاضها العراقيون جيشا وحشدا
وشاركت فيها قرابة الستين دولة في مقدمتها أميركا وإيران.
لكن ثقافتنا، حتى اليوم، مصرة على الجهل بمعنى داعش!
*
تسال عنها سياسيا أو مثقفا عراقيا فيرد عليك:
- القضية واضحة.. داعش مجرد أداة!
- بيد من؟
فتتعالى الأصوات:
- داعش أمريكية.. بل إيرانية .. بل إسرائيلية بل سعودية.. قطرية.. ويتسع
النقاش بهدف التشويش على داعش التي نتحمل مسؤولية استمرارها!
والطرفة السوداء ان هذا الخلاف على "نوع" داعش امتد الى القوات
التي تحاربها! وبعضهم قاتلها جنبا الى جنب مع أميركا لكنه يظن أنها تنظيم أمريكي
وبعضهم قاتلها مع إيران ويظن أنها تنظيم إيراني! وقس على ذلك.
*
اخطر محنة تعرض لها العراق في القرن الحالي هي تجربة داعش.. لكن الثقافة
العراقية مشغولة عنها وعن معرفتها..
وفي الوقت الذي ينبغي ان تكون المكتبة العراقية هي المرجع رقم واحد في
العالم عن هذا التنظيم.. تكاد هذه المكتبة ان تكون خالية من اي كتاب جاد عنها.. ويكاد
العراق يخلو من اسم اي باحث جاد في كتابة شيء عنها. بل ان هناك روح رفض واستنكار
لكل سؤال يطرح عن ماهية داعش.
*
ولنعترف يا سادة:
-
داعش هي ابنتنا المنحرفة!
وهي بعثت بشكلها الحديث والمدمر والمنظم مع الحملة الإيمانية التي أطلقها
صدام في العام 1993. كما أنها وريثة القاعدة وكل التنظيمات التي تعتمد العنف وتدعي
امتلاك الحقيقة.
الحملة الإيمانية درّست الدين الإسلامي بروح عدوانية واقصائية وتكفيرية،
والحكومة البعثية طبقت تلك التعاليم والعقوبات بالطريقة الداعشية الحالية لمن يريد
ان يتذكر.. وعلى تلك التربية نشأت أجيال (وخصوصا في المنطقة الغربية) وهي لا تعرف
عن الإسلام سوى ما قاله البعث أولا وقالته داعش تاليا.
لكن لا كتابة في ثقافتنا تجرأت على تفصيل هذا وتوضيحه او حتى قوله، في حين
ان الثقافة المصرية بل وحتى الثقافة السعودية أبرزت أسماء لمفكرين وكتاب شجعان
قالوا ان داعش ابنة الإسلام السلفي الوهابي.. وان علينا ان نبذل جهدا جبارا في
التعريف بها والاعتراف بخطيئتنا في إيجادها.
*
وإذا كان معروفا أن مرجعها الأكبر وبلا منافس هو ابن تيمية فان ما هو مجهول
أو مسكوت عنه ان مؤسسها الثاني هو صدام حسين وحزب البعث!
وما هو مسكوت عنه هو القول إننا لم نناقش أفكار داعش وأصحابها لا أثناء
قتالها ولا بعد الانتصار عليها.
بل ان مناهجنا المدرسية للدين مازالت تنطلق من روح الحملة الإيمانية التي أنجبت
التطرف والعنف وارتقت بهما الى مستوى العقيدة المقدسة!
.
ما تقدم جزء من منشور نشرته عام 2017، وذكرني به الفيس وانا اكتب شيئا له
صلة بداعش والحملة الايمانية البعثية، فوجدت انه يصلح كتمهيد للمنشور التالي.
.
بالمناسبة:
نحن لم ننتصر على داعش!
نحن انتصرنا فقط على الدولة التي اقامتها..
والفارق واضح بين النصر والهزيمة!
0 تعليقات