علي الأصولي
تكاد تكون الصنمية من المشاكل العويصة بل هي
فعلا من عويصات المسائل في الواقع المعاصر وبقدر إضرار هذه المشكلة تجد أن حلولها
ليست متوقفة على أصل تشخيص المشكلة أو علاجاتها بقدر ما يحتاج الآخر إلى قرار شجاع
ومغادرة هذه المشكلة، وإلا فسوف يقبع إلى ما شاء الله تحت نير الصنمية وعليها يعقد
الولاء والبراء،
ذكرت في غير هذا المقام نصا ينسب للخليل
العالم المشهور في اللغة والعروض، ومفاد نصه نصيحة قدمها للسجستاني، مضمونها (إذا
أردت أن تعرف علم شيخك فاسمع لغيره)
هذه النصيحة تنبه لها الفقيه المجدد ابن إدريس
الحلي في آخر صفحات كتابه - مستطرفات السرائر - بعد أن وقف على هذه المشكلة
والصنمية التي حلت بإرجاء المذهب والتوقف على آراء شيخ الطائفة وكبيرها الطوسي،
وقد كتبت ما يناسب الموضوع في مقال سابق،
ففي عصره وبعد كسر الجمود الفكري والهيبة
التي سيطرت على الواقع الفقهي الشيعي تقدم الفقيه الحلي بفتاوى وآراء التي وصفت
بالجريئة جدا وما عليه من تقدم من الفقهاء وأبرزهم شيخ الطائفة، وبالتالي كسر طوق
الرهبة من مخالفة الشيخ،
وهذا ما جعل ابن إدريس والايصاء والتأكيد
وضرورة المضي قدما والتقدم خطوة على السلف، وهذا لا ياتى إلا بعد الوقوف على إنتاج
ونتاجات من لم تعقد له الشهرة، إذ أن الاكتفاء برمز واحد وعدم ملاحظة الآخرين كفيل
بظهور الصنمية الفكرية والنفسية وعدم تجاوزها إلا بعد المقارنة والملاحظة والتفاضل
والمفاضلة بالتالي،
وهنا دعونا ننقل ما ذكره المجدد ابن إدريس
ووصيته في آخر كتاب - المستطرفات - وما نحن فيه: إذ قال: إلى ههنا يحسن الانقطاع
ويذعن بالتوبة والإقلاع، من زلل أن كان فيه أو خلل،
ونقسم بالله تعالى على من تأمله، أن لا
يقلدنا في شيء منه،
بل ينظر في كل شيء منه نظرة المستفتح
المبتدي، مطرحا للأهواء المزينة للباطل بزينة الحق، وحب المنشي والتقليد، فداؤهما
لا يحسن علاجه جالينوس، وتعظيم الكبراء وتقليد الأسلاف، والإنس بما لا يعرف
الإنسان غيره، يحتاج الى علاج شديد، وقد قال: الخليل بن أحمد العروضي - رحمه الله -
الإنسان لا يعرف خطأ معلمه حتى يجالس غيره، فالعاقل غايته الوصول إلى الحق عن
طريقه، والظفر به من وجهة تحقيقه، ولا يكون غرضه نصرة الرجال، فإن - الذين - ينحون
هذا النحو، قد خسروا ما ربحه المقلد من الراحة والدعة، ولم يسلموا من هجمنة
التقليد، وفقد الثقة بهم، فهم بذلك اسوء حالا من المصرح بالتقليد، وبئست الحال حال
من أهمل دينه، وشغل معظم عمره في نصرة غيره، لا في طلب الحق ونصرته، انتهى:
اعتقد بالاكتفاء وكلام من خبر واقعه وشخص
مشكلته ولا كلام بعد كلام الشيخ الحلي ابن إدريس فأفهم تغنم ..
0 تعليقات