علي رجب
رواية الإنداية : قصة الأقنان والعبيد الكتب،
للكتاب السوداني الدكتور صلاح البشير وصدرت من دار "أوراق للنشر والتوزيع"
في القاهرة ، يناير 2018 وتقع في 280 صفحة، من القطع الصغير، تشكل ملحمة الصراع
على السلطة والدين والانقلاب على المورث.
والقن، وجمعها أقنان، هو العبد المولود من أم
وأب مملوكين، وجوهر الرواية يدور حول مجتمع العبيد والأقنان والاسياد.
الرواية جرت الأحداث في قرية نيلية في شمال
السودان في فترة لم يحددها الكاتب لكنها كانت فترة شكل فيها الرقيق في تفاصيل
كبيرة داخل المجتمع السوداني، وظهور بطل من الطبقة الحاكمة في القرية على دعم حرية
الرقيق عبر منظور ديني واجتماعي وفلسفي.
روية الإنداية، تعمل أيضا على تفكيك الرؤية
الدنية للتيار المتشدد، وأيضا فهم أخر للحرية في ظل مساعي "البطل" الطيب
ود الأرباب، ووالده هو عمدة القرية، الأبطال تجارة الرقيق التي كانت منتظرة في
السودان، وأيضا الصراع بين العائلات على منصب العمدة ، وهو إسقاط لمنصب الرئيس أو الزعيم.
الروية إسقاط على المجتمع السوداني، وتنوع
تشكيلاته العرقية والدينية، وأيضا لمحة من العنصرية داخل المجتمع السوداني، فرواية
صلاح بشير تعكس ثقافة الكاتب القرآنية وجرأته البينة في نبش المسكوت عنه من
الموروث المجتمعي السوداني، فالعمدة إبراهيم ود أحمد الأرباب، هو الحاكم وهو
الفقيه السيد" أشبه بفكرة الخلافة أو المرشد في إيران" وله الأولية في الشراء والبيع، وتصريف الأمور، ثم
عائلات أخرى، وهوما يوضح التمييز الطبقي داخل العائلات في مملكة الأرباب، وأيضا "إمساك"
العمدة الحكام بتجارة الرقيق وأيضا إدارة بيت للدعارة عبرة خادمة وفي سرية تامة
ليطلع على ما يفكر فيه عائلات القرية "الشعب" الذين يحكهم، وهي حيلة قديمة
يعرفها الحكام عبر زمن السلطة والحكم.
صلاح البشير، متأثر كثير بفلسفة ابن خلدون،
جعل البطل المتعلم في مصر وحافظ القرآن قادر على مواجهة الشيوخ والعلماء ، وأيضا
السحرة وهو جزء داخل المجتمع السوداني.
الجنس والدين والخير والشر، وأصحاب النسب "اهل
البيت-العرب-السودانيين أبناء النيل- الحبش- الدنقو- الحبش- الس والذين بدون نسب،
والسكارى والشواذ والنساء، والشيوخ العاقلون والشباب الطائش، والحسد والغضب
والكره، خلطة أجادها البشير.
كما توضح الرواية دور النساء في المجتمع
السوداني سواء على مستوى الطبقة العليا، او الجواري والعبيد، وكيف يدكون صراع
النساء على تجليس أبنها لخلافة والده العمدة، وقدرة النساء أيضا في حماية القرية
من تدخل مسلح خارجي، عبر حيلة "الجنس والسكر".
لكن عملية تنصيب الطيب ود الأرباب، عمدة بقرار من والده ومبايعة من شيوخ وشباب القرية،
جعل من نهايتها متوقعة، وأيضا نهاية في وقع الكاتب في النهاية التقليدية بانتصار "البطل"
الشاب صاحب الثورة.
رغم أن البطل يشكل وجه الخير وانتصاره على الشر، لكن في داخله يمكن
اني كون كل ما فعله هو من اجل الوصول الى السلطة عبر عملية صناعة "الخير"،
وهي النقطة التي اختتم بها الرواية بمشهد تنصيبه للعمدة.
الكاتب أيضا في محاربة للفكر المتشدد، دعم
بشكل مباشر فكرة الخلافة في الحكم وأيضا عملية الطبقات داخل السلطة ، وروج للفكرة
التلقيدية التي يروجها تيار الإسلام السياسي، وهي أن المجتمع "الفاسد" من وجهة نظرهم القائم على "
السكر والدعارة.. الخ، هو مجتمع عليه الغضب ولا ينجح وينهار.
ولكن فكرة العدل التي حاول الكاتب بثها داخل
سطور الرواية هي الفكرة الأبرز والتي كان ان يدعمها عبر طرق ودورب في عمله الأدبي.
0 تعليقات