آخر الأخبار

عندما تنزع الكلمات ثوب المعنى






عز الدين البغدادي



في اللغة أي لغة يكون لكل كلمة معنى محددا، ولها أيضا مجال أوسع من الاستعمال المجازي فيمكن تشبيه الكلمة بدابة مربوطة بحبل تستطيع ان تتحرك في مجال لكنه يبقى مجالا محددا. في العراق نزعت الكلمات اي قيمة لامعنى عنها، وفقدت دلالاتها، فلا تعرف الصدق من الكذب. بل ان الكلمة بدل ان تمارس دور تحديد المعنى فإنها تقوم بتضييع المعنى وهدر قيمته وكرامته أيضا.



ألأمم المتقدمة تؤكد ثقافتها على التحديد تحديد المعنى، تحديد الوقت، تحديد الزمن، نحديد الحقوق والواجبات، لكن لما كان الساسة هم من يصنعون الوعي، وهم في العراق يكذبون ويكذبون حتى أدمن الجمهور كذبهم فقد صار المواطن يسمع الكلمة ولا ينزعج كثيرا من عدم او انقلاب دلالالتها. الكلام عندنا مجرد لفظ، ولا تطلب أكثر من ذلك.


ليس بالضرورة ان يؤمن بالقانون من يتحدث عن دولة القانون، او يعتقد بالنزاهة أو الإصلاح من يتحدث عنهما، ليس بالضرورة أن يؤمن بالديمقراطية من يتحدث عنها أو أن يؤمن بالاستقلال من يعلن رفض الاحتلال، المهم ان نتكلم وليس بالضرورة ان نكون صادقين، فمن هذا الذي يزعم بأن كلمة الرجل شرفه؟!


كثير من مدعي المقاومة لهم علاقات مع الأمريكان، وهم يعرفون بأن للعبة سقفا يجب ان لا تتجاوزه. الأمريكان أيضا تعلموا منا اللعبة، قالوا: لا بأس لنلعب مع العراقيين لعبتهم فهم ليسوا أذكى منا، يمكننا ان نتعلم منا. سوف تنسحب القوات نهاية هذا العام، ونسمح بالمقاومة ان تحتفل بالنصر.


وجود الأمريكان في العراق ليس وجود بضع مئات من الجنود في قواعد متباعدة، بل هو وجود أعمق وأخطر، ففي بغداد توجد أكبر وأخطر سفارة للولايات المتحدة في العالم، وهناك وجود استخباري خطير جدا بحيث ان كل شيء كل شيء يقع او يمكن بسهولة ان يقع تحت انتظار الامريكان والصهاينة. بأي حال، الاتفاق جيد فهو يرضي الامريكان ومقاوميهم في لعبة العبث التي تجدها في أرض العراق.


لن يخرج الامريكان، ولن يطلب المقاومون اكثر من ذلك. هذه هي اللعبة باختصار ووضوح، وأما عامة الناس فأقول لمن يؤيد خروج الامريكان عليه أن لا يفرح كثيرا، ومن يؤيد بقاءهم عليه أن لا يحزن كثيرا.


وسبتقى الكلمات عارية مبتذلة لا قيمة لها حتى يلي أمر هذا لبلد رجال شرفاء يعرفون أن الكلمة لها معنى، وأن الكلمة شرف.



إرسال تعليق

0 تعليقات