عز الدين البغدادي
اعتقد أن الإسلام دين بناء وايجابي وأن أي طرح ينسب إلى الإسلام
يساهم في تمزيق المجتمع أو نشر الكراهية فهو خارج عن حقيقة الإسلام. وهو بأي حال
يجعل الإسلام وفق هذا الفهم دينا لا يمكن له أن يبني حياة بأي حال.
التشيع المتطرف أو التسنن المتطرف اللذان يصران على فهم معين للدين
هما فهمان خطران على العقل وقيم العيش المشترك مهما كانت الحجج التي يطرحها كل
منهما.
مذهب الاباضية أحد المذاهب الإسلامية التي حافظت على وجودها وتنتشر
في سلطنة عمان وأيضا في الجزائر، إضافة الى وجود هام في ليبيا والمغرب وتنزانيا
وشرق إفريقيا، وهو المذهب الباقي من مذاهب وفرق الخوارج (وان كانوا ينكرون ذلك)،
وتنسب إلى عبدالله بن أباض. وقد كان لهم موقف سلبي من الإمام علي (ع) وعدد من
الصحابة ككل الخوارج، ويقال بان هناك ثلاث اتجاهات بينهم: هناك من يعلن موقفا
سلبيا من الإمام علي ومن عدد من الصحابة من المتهمين بالفتنة كما يقولون وهو موقف
الخوارج القدماء، وهناك من يترضى عليهم بل وهناك من يبالغ في الثناء عليهم، وهناك
–وهو التوجه الثالث- من يتوقف فيهم فلا يظهر فيهم مدحا ولا ذما.
عمان لها خصوصيتها في طبيعتها وتاريخها، فلهم حضارتهم الخاصة
وخبرتهم في البحار معروفة وقد ورد في حديث صحيح أن النبي (ص) بعث رجلا إلى قوم
فسبوه وضربوه ، فجاء إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال : لو أهل عمان أتيت
ما سبوك ولا ضربوك .
كما كوّن أهل عمان دولة امتدت إلى شرق إفريقيا في زنجبار، حتى انه
في عام 1832، نقل السلطان سعيد بن سلطان عاصمته من "مسقط" في عمان إلى
"ستون تاون" في مدينة زنجبار، واستمر حكم العرب هناك إلى سنة 1964 حيث
حصل الانقلاب ضد السلطان جمشيد بن عبدالله وتم تصفية الوجود العربي هناك.
يمثل الاباضية في عمان اكبر نسبة من سكانها، ثم يأتي بعدهم السنة،
ثم الشيعة الامامية، إلا أن الفهم العام عند أبناء عمان (حفظها الله وحفظ أهلها)
هو منع أي حديث فيه طعن في الصحابة أو التهوين أو التسقيط لأي مذهب، كما أن فكرة الأقلية
والأكثرية غير موجودة عندهم، لذا يتمتع الشيعة في عمان رغم قلتهم بحقوقهم
واحترامهم كمواطنين من الدرجة الأولى.
يتحدث أحد طلبة كلية العلوم الشرعية وهو أباضي المذهب فيقول: في
كلية العلوم الشرعية، هناك أشخاص من جميع الجنسيات، من شرق آسيا وشرق إفريقيا
وشمال إفريقيا، حتى الأساتذة والمشايخ هم من مذاهب مختلفة وليسوا من مذهب الاباضية
فقط".
ويتابع "أحيانا نسمع علماء للأسف الشديد يحذرون من قراءة كتب
الطرف الآخر ..... لكن الأصل هو التعايش، وعندما تأتي الى عمان لا يسألك احد عن
مذهبك".
وليس هذا فقط بل إن عمان لا تتوزع فيها المساجد حسب المذاهب بل هي
مشتركة فيما بينهم. أي أن المساجد هي أداة للجمع لا للتفريق، كما أن علماء
الاباضية المعاصرين تجاوزوا عقد التزمت المذهبي القديم وكونوا رؤية واقعية وعلمية
تستند الى أهداف الشريعة وروحها، ولم يصروا على الوقوف عند قدمائهم ومواقفهم
المتشنجة ضد بعض الصحابة. وهو ما أنتج مجتمعا متجانسا تسود فيه ثقافة الاحترام،
والبحث عن المشتركات. إنه نموذج رائع من فهم الزعامة الدينية من جهة، ومن سلوك
السلطة السياسية من جهة أخرى، وتجربة تستحق كثيرا من التقدير.
1 تعليقات
كلامك جميل وإن كان نسبتهم إلى الخوارج يعتبر من التجني عليهم لأن الذين قاتل الخوارج هم الإباضية ولهم مواقف منهم وبينهم فوارق
ردحذفوهذا كتاب يوضح من هم الخوارج
كتاب الخوارج والحقيقة الغائبة
https://alsaidia.com/search/node?keys=%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AC