آخر الأخبار

جمال النظرية وقبح الواقع

 




 

عز الدين البغدادي

 

من أهم الفقهاء المتأخرين الذين ظهروا في بلاد اليمن فقيه معروف باسم الأمير الصنعاني، وهو محمد بن إسماعيل الصنعاني وهو مؤرخ وشاعر وفقيه من أهل صنعاء. ، ولد سنة 1099 هـ، وأخذ بمنهج الفقهاء المتحررين المتبعين للدليل من الكتاب والسنة كما هو منهج المقبلي والشوكاني من علماء اليمن.

 

له كتب كثيرة إلا أن أهمها وأشهرها كتابه المفيد والممتع " سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام" في أربعة أجزاء.

 

كان كالشوكاني متأثرا بمنهج ابن تيمية، وفي زمنه ظهر محمد بن عبد الوهاب في نجد، ولما ظهرت دعوته فرح بها وكتب قصيدة طويلة يعلن تأييده له فيها ومدحه فيها ومما جاء فيها:

 

سلام على نجد ومن حل في نجد وإن كان تسليمي على البعد لا يُجْدِي

 

قفي واسألي عن عالم حلَّ سُوحَها به يهتدي من ضل عن منهج الرشد

 

محمــــد الهـــــــادي لسنة أحمــــــــــد فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي

 

إلا أن رأيه تغير عندما سمع بما قامت به الحركة الوهابية من سفك للدماء وهتك للحرمات وتكفير للمسلمين، فأعلن رجوعه عن رأيه وقال في ذلك قصيدة مما جاء فيها:

رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي

 

ظننت به خيراً وقلت عسى عسى نجد ناصحاً يهدي الأنام ويستهدي

 

فقد خاب فيها الظن لا خاب نصحنا وما كل ظن للحقائق لي مهدي

 

والقصيدتان طويلتان وقد ذكرتهما بطولهما في مسودة كتاب "تجديد المنهج" وهو كتاب لم يتم بعد.

 

الدرس الأهم هو أن جمال النظرية وخداعها لا يكفي فالواقع هو ما يحدد مقبولية النظرية من عدمها، وواقعا فإن كل الحركات الإسلامية المعاصرة قدمت نظرية جميلة ولو بحسب المفاهيم الشائعة وواقعا سيئا، من ذهب إلى إيران أيام الثورة ومن ذهب إلى بلاد الأفغان أيام الجهاد، وكثير من الشباب الذي صورت لهم ما تسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" اللعينة المشؤومة، وكأنها حالة مثالية جميلة تطبق شرع الله فلما جاؤوها وجدوا واقعا سيئا.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات