مجدي عبدالعزيز
يوليو ٠٥, ٢٠٢١
الرواية الأولى:
عقد سعادة سفير إثيوبيا بالخرطوم "بيتال أميرو " أمس
مؤتمرا صحفيا بمقر السفارة الأثيوبية ، كان موضوعه الرئيسي كما عكست وسائل الإعلام
الحاضرة للمؤتمر والغائبة عنه أزمة.
( سد النهضة ) ،، للوهلة الأولي بعد العلم بالدعوة لهكذا لقاء صحفي
يسود انطباع وسط الإعلاميين الملبين للدعوة ان هناك جديدا ينتظرهم عند سعادة
السفير سيقدمه لهم علي شاكلة اختراق جديد في الملف يؤدي لتحريك عملية التفاوض الي
آفاق جديدة ، او خطوات إيجابية تصب في خانة تعزيز التفاهمات علي قاعدة ( الكل رابح
) وبالتالي تدعيم الشراكات والتعاون لمصلحة شعوب الإقليم ،، لكن للأسف لم يخرج المؤتمر
بهذا الجديد المتوقع ، بل لم تتعد فكرته غير انه نشاط ترويجي لدعم نفس الخط
الأثيوبي المتعنت الذي وصل بالأزمة لهذا الطريق شبه المسدود .
وحتي لا نتهم بالتعسف، أو الانحياز لغير مصلحة وطننا ـ التي من
بينها بالتأكيد علاقات تعاون ايجابي وشراكات متبادلة مع الجارة أثيوبيا لمصلحة
شعبينا - دعونا نري بكل موضوعية وعدم مواربة كيف كان يدور سعادة السفير حول
الحقائق :
ما يعرف في السياسة أو في القانون بمصطلح ( إعلان المبادئ ) بين
طرفين أو أكثر يعني ضمنا ( الاعتراف ) أما بالأطراف ، أو بالقضايا موضوع التحاور
أو بحقوق يراد تسويتها علي مقاييس وموازين العدالة ،، وإعلان المبادئ الموقع في
العام 2015م بالخرطوم بين السودان ومصر وأثيوبيا اعترف بحق أثيوبيا في التنمية
والتطور والرفاه التي يحققها إنتاج الكهرباء من مشروع سد النهضة ، في نفس الوقت
يفترض ان إثيوبيا تعترف بحقوق السودان ومصر في مياه النيل الأزرق، وتتعهد بعدم إيقاع
الضرر بالجارتين وعدم المساس بأمنهما المائي ،، نعم هي طموحات وآمال في جانب
واحترازات وتحوطات وحماية في جانب آخر ، يجب ان تتوسط بينهما رمانة الاتزان
بالتفاهمات والمفاوضات البناءة حتي يصير ( الكل رابح )، ولكن يبقي أساس كل ذلك
نوايا سليمة وراسخة .
من التساؤلات المبنية علي الحقائق التي وضعت أمام سعادة السفير أمس
في مؤتمره الصحفي ولم يشأ سعادته الخوض في تفصيلاتها او يقدم لها الإجابات الوافية
غير بعض من شذرات المهارات الدبلوماسية في الإشارات العامة بالنفي أو عدم الحدوث ،
هي ان السبب الرئيسي لتفجير الأزمة هو خروج إثيوبيا عن المسار الفني الذي تمت
التفاهمات بشأنه منذ 2015م في إعلان المبادئ ، ويتمثل ذلك ببساطة في أمرين الأول :
رفض تقرير الاستشاري وبالتالي العمل بغير ما جاء في توصياته ، والثاني : الانفراد
الأثيوبي بقرارات ملء البحيرة وتشغيل السد ، وسنأتي لتفصيلهما أدناه .
معلوم ان إثيوبيا هي التي أهّلت المجموعة الاستشارية الفرنسية ( BRL ) نتيجة لمشاريعها السابقة في أثيوبيا منذ
العام
ثم نأتي لمثال بائن وواضح الآثار السالبة للانفراد الأثيوبي
بالقرارات الفنية وعدم التشاور وتمليك المعلومات ـ وفيه دحض لما ذكره سعادة السفير
من تشاورهم وتوافقهم مع الجانب السوداني في عمليات الملء والتشغيل ، وهو ماحدث في
موسم العام 2020م حيث انفردت أثيوبيا دون تشاور او إتفاق بقرار بدء الملء الأول
لبحيرة السد الذي نتج عنه تأثر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في توقيت الملء
وصارت بورا ، فضلا عن تأثر محطات مياه الشرب علي ضفاف النيل وكان لمحطات ولاية
الخرطوم من هذا التأثر النصيب الأكبر … ثم جاء الأثر المدمر لعملية تفريغ المياه
الزائدة من الملء الأول التي أحدثت الفيضانات العنيفة المشهودة التي خلفت عشرات
القتلي ودمرت حوالي 60 الف منزل وأغرقت العديد من الأحياء والفري المتاخمة للنيل
مما استدعي الدول الصديقة والشقيقة والمنظمات من عمل الجسور الجوية للإمداد وللعون
والإغاثة .
نعم سعادة السفير .. أثيوبيا بسلوكها بعد إعلان المبادئ هي من
أخرجت ودفعت بملف سد النهضة من إطاره الفني الي ساحات السياسة والتدويل ، تغيير
المسارات الفنية عن ما اتفق عليه في إعلان المبادئ يؤكد النوايا غير التنموية من
وراء السد ، الإنفراد وعدم التشاور في الملء والتشغيل اوقع الأضرار ببلادنا ( بيان
بالعمل ) عدم الاعتراف بالحقوق المائيه والحصص التي يعمل بها لنصف قرن وعقد من
الزمان دون اعتراض به مساس مباشر بالأمن المائي والحياتي لشعوب وادي النيل ،
الهروب من مفاوضات واشنطن بعد توافق تجاوز ال 90٪ يمعن في تأكيد النوايا التي
لم تعد سرا ، رفض كل المبادرات الإقليمية والدولية يرسم حالة غير معهودة لما فوق
التعنت .. التشكيك في صلاحية مجلس الأمن الدولي للحد من النزاعات قبل وقوعها ، وفي
حالة مثل حالة سد النهضة التي وصلت الي مرحلة الخيارات المفتوحة ، فيه لي غادر
لعنق الحقيقة .. سعادة السفير لا يجدي الدوران حول الحقائق ..
والي الملتقي
0 تعليقات