رأفت السويركي
العداء لمصر/ الوطن يمكن أن تكتشفه من أغنيات الشماتة التي تتخم
فضاءات "فيسبوك" و"تويتر" وتعلنها " قطعان حسن الساعاتي
البنَّاء" بالمشاركة مع من يواكبونهم في المشاعر المريضة من "جُلَّاس
مقاهي الثرثرة بالنظرية" أمثال "المتأدلجين المتمركسين" وتجار
" بضاعة ليلام الديموقراطية" من "المتنشطين الدولاراتيين"!
هذه الأغنيات التي تدور حول ما يتم الترويج له بنجاح "حفيد
أبرهة الأشرم الحبشي" الصهيوماسوني "آبيه أحمد" في الوفاء بوعد
إنجاز "التعبئة الثانية" لـ "سد الحبشة" وإبراز قوته في تحدي
الدولتين المصرية والسودانية؛ حين زعم "ذو القلنسوه": "اكتمال
الملء الثاني لسد النهضة دون أزمات، وأن السد لن يتسبب في الاضرار بمصالح دول المصب"!
وعلى الخط نفسه يزعم رئيس أركان "جيش أحفاد أبرهة
الأشرم" الجنرال بيرهانو جولا أن "الملء الثاني للسد هو يوم انتصار فريد
لجميع الإثيوبيين" وأن "إثيوبيا ليست لديها نية للإضرار بأية دولة أخرى،
وأن ملء السد أظهر ذلك من الناحية العملية"!
لكن "جوقة القردة" من المتأخونين والمتأدلجين والمتنشطين
لم تبذل أية محاولات للاستفادة مما توفره "ماكينات البحث على شبكة
الانترنيت"؛ بهدف معرفة حقيقة القول الكاذب بانتصار الصهيوماسوني "آبيه
أحمد". ولم تتأمل في الوقت ذاته مغزى الحركة الهادئة للدبلوماسيتين المصرية
والسودانية تجاه الزعم بنجاح الملء الثاني.
فهل حقق "أحفاد أبرهة الأشرم" الانتصار في هذه المعركة؟
ولأن الكذوب يفضحه "جوجل"؛ فهذا وزير الرى الحبشي "سيليشي
بيكيلي" يقر بفشل الملء الثانى للسد، وتأملوا معني فجيعته:
- الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الحبشوية تكشف أن "
التخزين يسير بمعدل لا يتجاوز 50% من المقرر، وأن نسبة التخزين وصلت إلى 1.5 مليار
متر مكعب.
- " إذا استمرت وتيرة ملء السد بهذه الطريقة فإن عملية الملء
ستكتمل خلال 13 عاماً".
- الخبير المصري الدكتور عباس شراقي قال "إن إثيوبيا لن
تستطيع خلال الملء الثاني تخزين أكثر من3 مليارات متر مكعب، ولا صحة لما تدعيه من
أنها تستطيع تخزين أكثر من 6 مليارات من الكمية التي كان مقررا تخزينها وهي 13.5
مليار متر مكعب، لكون الارتفاع الحالي للسد يقف عند 573 مترا، فتم تخزين 1.5 مليار
فقط.
- ويختصر الدكتور نادر نور الدين أستاذ الأراضي والمياه بجامعة
القاهرة كشف أكذوبة الملء الثاني بالقول: "إثيوبيا فشلت فشلا ذريعاً في أمرين
دون أن تستطيع مصارحة شعبها بهما. أولهما الفشل في تخزين 13.5 مليار متر مكعب من
المياه هذا العام بعد الفشل في تعلية الحاجز الأوسط للسد إلى ارتفاع 30 متراً،
وإعلانهم الوصول به إلى 13 مترا فقط، ثم تبين عدم صحة هذا الارتفاع حيث لم تستطع
إثيوبيا إلا تخزين3 مليارات متر مكعب فقط هذا العام، بما يعني تعلية الحاجز الأوسط
بارتفاع
- ويكمل الدكتور نادر نور الدين توصيف الحقيقة بالقول: "رغم
وصول التخزين إلى منسوب 573 مترا بإجمالي 8 مليارات متر مكعب حتى الآن، إلا أن
إثيوبيا فشلت في تشغيل التوربينين وتوليد الكهرباء التي وعدت شعبها بها، لمشاكل في
تركيب التوربينين ومشاكل أكبر في إنشاء محطة الكهرباء وكابلات وشبكات نقل الكهرباء".
*****
ومع بروز هذه الوقائع الدامغة بالخرائط الحقيقية التي يضع الخبراء
والجهات السيادية المعنية اليد عليها كجزء من فعاليات إدارة الأزمة؛ فإن الملوثين
وجدانوياً لا يتوقفون عن العزف القبيح بأن "حفيد أبرهة الأشرم
الصهيوماسوني" انتصر؛ لأنهم يتمنون له الانتصار وهزيمة أوطانهم.
ومن يتجول في الفضاء الافتراضوي سيجد العديد من نماذج ما يعبر عن
هذه الكائنات المشوهة الوجدان بدءاً من قطعان المستوى الشعبوي المغيب وصولاً إلى
النخب العليا التي تعادل في المستوى نماذج القردة العليا. جميعهم متوهما يعتبر
الأحباش حققوا مرادهم؛ ولا يدرك فنون إدارة الأزمة في الزمن المعاصر.
فهل قرأ المغيبون حقائق الواقع والمشكلات البنيوية المتعلقة ببناء
هذا السد؛ وما يحيط به من مشكلات جيولوجية وسياسوية مرتبطة بالإقليم الذي يقام على
أرضه؛ وكيفية توظيف ذلك كجزء من منظومة الحلول لها؟
وهل قرأ المضللون معنى ودلالات التفوق العسكريتاري لـ "جبهة
تحرير إقليم تيجراي"، بشمال شرق إثيوبيا، والهزيمة الساحقة التي أوقعتها بـ
"جيش حفيد أبرهة الأشرم" والأعداد المذلة من أسرى هذا الجيش الذي يتقعر
رئيس أركانه بيرهانو جولا أن "الملء الثاني لسد النهضة هو يوم انتصار فريد
لجميع الإثيوبيين".
ومع الهزيمة المذلة لهذا الجيش من " قوات الجبهة الشعبية
لتحرير تيجراي " يقول أحد جنرالاته في إطار الحروب الإعلاموية (بوتا باتشاتا
ديبيلي) إن بلاده: " لا تسعى إلى حل قضية سد النهضة مع مصر والسودان عسكرياً
لكنها مستعدة لهذا السيناريو... فكل بلد مستعد للدفاع عن نفسه، ونحن مستعدون لصد
أي عدو يحاول تقويض سيادتنا، نحن جاهزون للدفاع".
فهل يدافع هذا الجنرال عن صورة جيشه المنهار في الداخل والجبهة
الشعبية لتحرير تيجراي تتبنى في بياناتها وجهودها العملياتية تتبنى "فكرة
الانفصال"، وتحذر بأن "تيجراي سيكون مقبرة لتحالف القوات الغازية"،
وأنها "ستجري عمليات تطهير" ضد الجيشين الإريتري والإثيوبي!
*****
والسؤال المطروح حول تنامي القوة البارز لقوات الجبهة الشعبية تلك
يُحيل إلى متغيرات كبيرة في أرض العمليات تقف في خلفيتها عوامل التخطيط والتكتيك
والدعم اللوجستاوي الخاص؛ والتي قد تشير إلى ارتباطات محددة بذلك الإقليم
وخصوصياته السياسوية؛ وتلويح السودان بإعادة النظر في سيادة إثيوبيا على إقليم بني
شنقول الذي يقام عليه السد، حال استمرت أديس أبابا في التنصل من اتفاقية
فهل ما يبدو من هدوء على مسلكية الدبلوماسية المصرية يعني الإشارة
إلى قراءتها الاستراتيجوية البارعة بأن تشابك الخطوط وترابط الملفات يمكن أن يكون
له وزنه الكبير في حال تحبيذ عدم الوصول إلى نقطة استخدام القوة الخشنة بما يتناسب
مع خطاب العصر؟!
*****
الملء الثاني لـ "سد أبرهة الأشرم" محدود بأدلة الواقع؛
بما يعني أن الملف لم يصل إلى درجة التعقيد ولم يبلغ ذروة الأزمة؛ لذلك لا يزال
"ثعالب الدبلوماسية" المصرية وشقيقتها السودانية يحتفظون بهدوئهم
الدبلوماسوي غير المنفعل؛ مع منجزات قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في أرض ذلك
السد وهي تحقق تطورات دراماتيكية عسكريتارية على الأرض. وفي الوقت عينه يحاول
الفاعل الأميركي تجريد منافسيه الصين وروسيا من فعالية حضورهما فيلقي الملف على
طاولة الاتحاد الافريقي من جديد؛ للوصول إلى صورة مناسبة للحل تقبلها الأطراف كلها.
وهذا يعني أن أغاني وولولات النخبة المصرية الفاسدة بمواقعها
المضادة للوطنوية لا قيمة لها ككل مواقفها السابقة حول الملفات المصرية التي تقوم
على حمايتها المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية... مؤسسة الرجولة والشرف.
0 تعليقات