علي الأصولي
كان ابن دقيق إماما
متفننا محدثا مجودا فقيها مدققا أصوليا أدبيا شاعرا نحويا ذكيا كما وصفوه ،
هو أبو الفتح محمَّد
بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي المصري المالكي الشافعي، المعروف بابن
دقيق العيد، شاع اسمه وذاع ذكره في حياة مشايخه واشتهر بالتقوى حتى لُقِّبَ بتقي
الدين، انتهت إليه رئاسة العلم في زمانه، ثمَّ ولي قضاء مصر ومشيخة دار الحديث
الكاملية والفاضلية وغيرهما، كان وقورا قليل الكلام غزير الفوائد كثير العلوم، له
رحلة في طلب الحديث، خرَّج وصنَّف فيه إسنادًا ومتنًا مصنفات عديدة نافعة، منها: «إحكام
الأحكام شرح عمدة الأحكام»، و«الإلمام في أحاديث الأحكام»، و«الاقتراح في اختصار
علوم ابن الصلاح»، وله ديوان خطب مشهورة، وشعر رائق، توفِّي سنة (٧٠٢ﻫ)
فهو أحد فقهاء القرن
السابع الهجري وقد عرف بمواجهته للسلطة المملوكية في أوج قوتها وسيطرتها آنذاك ،
أبن دقيق العيد عاصر
الفقيه الثائر عز الدين بن عبد السلام الذي عرف بمواجهته للدولة الأيوبية في دمشق
حتى اضطر إلى مغادرة الشام باتجاه القاهرة ،
ولما كان التوجس
التاريخي بين الفقيه والسلطان يشكل الهاجس المقلق عند كل السلاطين حيث الشعور
بالمنافسة كان من ضمن فعاليات السلاطين وكسب الفقهاء للبلاط ما أمكن ومن لم يجد
بدأ من كسبه فهنا يلجأ السلطان إلى كسب ضده النوعي أو لا اقل بأن يتبنى السلطان
لأي فقيه مهما كان وتقديمه على أنه الضد النوعي لأي فقيه يظهر التمرد بالتالي ،
هذا لمعروفية أن عامة السلاطين يرغبون بشكل أو بآخر وعدم معارضتهم في مجمل
قراراتهم وتصرفاتهم ولا يروق لأي سلطان معارضة ولو بنحو صامت ،
ترأس ابن دقيق سدة
القضاء بمنصب قاضي القضاة للمذهب الشافعي فحصلت مرافعة كانت سببا رئيسيا لمرحلة
الصدام حيث رد ابن دقيق شهادة نائب السلطان الأمير سيف الدين متكوتمر ، إذ أرسل
الأخير للقاضي يعلمه مدعيا أن تاجرا مات وترك أخا من غير وارث سواه وأراد منه أن
يثبت استحقاق الأخ لجميع الميراث بناء على الإخبار لكن الشيخ بن دقيق رفض إمضاء
القضية لصالح التاجر بناء على شهادة الأمير وحده ، وقد أصر الأمير بإمضاء الحكم
إلا أن الفقيه ابن دقيق كان مصرا وعدم الإمضاء لأن الأدلة غير ناهضة للحكم وما
يرغب الأمير ، حتى أرسل للقاضي وفدا مفاوضا على ما ذكر المقريزي ، إذ قيل له هل
الأمير عندكم عدل؟
فقال ابن دقيق ،
سبحان الله ثم انشد:
يقولون هذا عندنا غير
جائز ... ومن أنتم حتى يكون لكم عند
إلا أن خسر الأمير
ماء وجهه وهنا صار إلى أن يتحين الفرض للوقيعة بالفقيه القاضي حتى اتهمه بأنه
اختلس أموال إحدى المدارس الدينية التي كان يشرف عليها ابن دقيق وقد طلب ابن دقيق
بعد الرد بالنفي طلب من الأمير المباهلة والملاعنة ،
ودارت الأيام وسقط
السلطان وحبس الأمير وبعده اخرجا من السجن فقتلوا ،
أن قوة وصمود وصلابة
ابن دقيق سئل عنها في إحدى المرات فقال في معرض الإجابة أنها مسؤولية شرعية
وأخلاقية فإذا لم اصمد فمن يصمد والكلام في المعنى ،
نعم: نسال الله وان
يرزق الناس فقيها بقوة وصمود وصلابة وأخلاقية ابن دقيق العيد لإعادة صورة القدوة
التي ان لم أقل افتقدت فقد اهتزت والى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات