علي الأصولي
آفة الزعامات في الجملة - السياسية والدينية - هي في ما يسمى
بالحاشية ، فهي التي تكون في صورة المشهد فإن صلحت صلح مخرجات العمل - السياسي أو
الديني - وان فسدت ، فسدت المخرجات تبعا لمقدماتها ،
نقل السيد احمد كاظم العلي مترجم كتاب - جرعه از دريا - نقل خاطرة
للمرجع السيد الزنجاني - ج٤ ص ٥٤٥ - أنه في يوم من أواخر أيام المرجع السيد
البروجردي ان المرجع قال متحسرا : أراني أخرج من هذه الدنيا صفر اليدين، لم أنجز
شيئًا!
وقد عزمت في فترة خلع الحجاب [قانون منع الحجاب في إيران] على
القيام بحركة احتجاجية، وكنت مستعدًّا للشهادة، لكنّ الحاشية والمقرّبين منعوني،
وأغووني بأنّ وجودي ضروريّ للإسلام، فحرمت من هذا الخير.
عندئذ قال السيد شريعتمداري للسيد البروجرديّ: لو كنت مكانك لما
قلقت أبدًا، واستمرّ عشر دقائق في تعداد إنجازات السيّد البروجرديّ، فأجابه
السيّد: لو كان حسَبة الأعمال أمثالكم لكان الأمر هيّنًا، لكن ماذا نعمل
و"إنّ الناقد بصير"؟!
ثمّ سأله السيد الگلبيگانيّ : هل ترى اعتبار رواية "مداد
العلماء أفضل من دماء الشهداء"؟ فقال: نعم، هي معتبرة.
فقال السيّد: لو لم نأخذ في الاعتبار أيًّا من إنجازاتك العلمية
والعملية، فإنّ أمرك بجمع أحاديث أهل البيت عليهم السلام الفقهيّة [إشارة إلى
مشروع موسوعة جامع أحاديث الشيعة] هو بلا تردّد من المصاديق الواضحة لهذا الحديث.
ولمّا سمع السيّد البروجرديّ كلام السيّد الگلبيگانيّ قال: نعم،
إنّ أملي الوحيد في هذا. انتهى:
نعم: ربما تتخيل بأن وجود المذهب منوط وقائم بوجودك ولولاه لساخ
بأهله ولبقى الناس أشبه بالأيتام بعد فقدك ، وهذا التخيل كما يكون من تلقاء النفس
يكون من صنع الحاشية وتصويرها ورسم خارطة مفجعة في ذهن الرمز بعد رحيله ، بيد أن
هؤلاء - صناع الخيال - لا يرون ضرورة للرمز إلا بمقدار ما يؤمن لهم اعتبارهم
المعنوي ودخلهم المادي وعلاقاتهم الواسعة بأصحاب النفوذ والقرار ، فهم بالتالي لا
يخافون لا على حياة الرمز ولا على أوضاع المذهب بخلافه ، بقدر ما يخافون الخسارة
المقلقة بعد رحيله ومن هنا تكثر الغواية على الرمز ودعاوى الوهم من كون وجودك
ضرورة إسلامية ومذهبية كما فعلت حاشية المرجع البروجردي في القصة أعلاه ، بالتالي
كثير البكاء والتباكي لا يرجع لخسارة الرمز بقدر ما هو الخوف من خسارة الاعتبار
والموقع الذي حظي به بعض أو جل البلاطات المرجعية والزعاماتية والى الله تصير
الأمور ..
0 تعليقات