عز الدين البغدادي
الفيديو الذي انتشر أمس وأثار كثيرا من الاستغراب والاستهجان لا
سيما وهو يظهر في ظروف اقتصادية صعبة جدا يمر بها المجتمع، وفي ليلة تناثرت فيها
جثث الأطفال وأمهاتهم (القوارير) وهن يبحثن عن ملابس بسعر ارخص كي لا يحرمن أطفالهن
مشاركةً في فرحة العيد.
المشكلة ليست فقط في السلوك الشائن الذي ظهر به الرجل والذي ينسف
نسفا الخطاب الديني عن الزهد وان الفقر في الدنيا لا يهم وما الى ذلك، ويكشف عن
تناقض مرعب في الوسط الحوزوي بين طلبة مجدين مجتهدين لا يقدرون على تحقيق الحد الأدنى
من احتياجاتهم وبين عمائم تتسم بالكسل والجهل معا يتمتعون بثراء فاحش.
والأدهى انك ستجد كثيرين يبررون لهذا السيد من باب ( قل من حرم
زينة الله التي أخرج لعباده) وأن "الناس مسلطون على أموالهم" وأنّه لم
يفعل حراما، وأنه ربما كان كذا وكذا وما إلى ذلك من تبريرات لا تنتهي.
قبل أشهر توفي إمام مسجد معروف، وقرأت أمورا عجيبة غريبة في رثاءه
والحديث عن زهده وعرفانه رغم اني اعرف بحاله وكنت اسمع من بعض معارفه عن سرفه ما
لا يليق ان أتحدث به هنا.
منذ زمن بعيد حذرت من خدعة "العدالة" الفقهية ودعوت الى إحياء
وتوضيح فكرة "العدل"، فالعدالة كما يعرفونها "كيفية نفسية"
وبالتالي لا يمكن معرفتها واقعا، بخلاف العدل الذي هو واضح بين ظاهر.
كان عمر بن الخطاب رغم الخلاف الشهير في قضية الإمامة مضرب المثل
في عفّته عن أموال الرعيّة ونظافة يده، وتلك الصفات ربّما ساعدته على أن لا يستدرج
بسبب المنصب، لقد روى الربيع بن زياد الحارثي قال: كنت عند عمر فوضع يده على بطنه،
فقلت: مالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: طعام غليظ أكلته تأذيت منه، قلت: يا أمير
المؤمنين، أنت أولى الناس بالمطعم اللين والملبس، فقال له عمر: كنت أحسب فيك خيرا
يا ربيع بن زياد. قلت: مالك يا أمير المؤمنين؟ قال: والله ما أردت بها إلا مقاربتي
(اي انك أردت استرضائي والتملق لي) أتدري ما مثلي ومثلهم ؟ قال: ما مثلك ومثلهم؟
قال: مثل قوم أرادوا سفرا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل وقالوا: أنفق عليك وعلينا، أفله
أن يستأثر عليهم ؟ قلت: لا، قال: فكذاك.
وروي أنه أصاب الناس غلاء في سنة من السنين غلا فيها السمن، فترك
عمر أكله وصار يأكل من الزيت (ارخص ثمنا) فكانت بطنه تقرقر، فيقول لها: قرقري ما
شئت أن تقرقري فوالله لا آكل السمن حتى يأكله الناس.
بالنسبة لي فأنا بفضله تعالى ومع العلاج أفضل حالا، لكن لا زلت
اشعر بشيء من الوهن في جسدي، دفع الله عنكم كل سوء وشكرا لكل من سأل عني أو كتب او
اتصل.
والله المستعان
0 تعليقات