آخر الأخبار

تقديم المنفعة أساس في الحكم

 




 

سلام حمد آل بريبت

 

من يبحث في تراث الأمة الإسلامية سيجد ان مواصفات الحاكم تقوم على أساس، ما يقدمه للأمة من منفعة في مصالحها، وتقليل الفوارق الطبقية بين أفراد المجتمع .والمعيار لتقديم المنفعة العدل والمساواة في الحقوق والواجبات. لذلك حين ضاقت الحياة بالمسلمين واشتد عليهم الحصار من كفار قريش نصحهم النبي، بالهجرة إلى الحبشة ،لأن فيها ملك عادل ،لا يظلم عنده احد وقد حاولت قريش جاهدة في إقناع ملك الحبشة، بأن دين محمد يسخر من عيسى بن مريم، ولكن دون جدوى لأنه ارسل معهم محاور فذ له القدرة على إقناع الطرف الآخر كيف ينظر الدين الجديد للمسيح بن مريم .وبذلك تتحقق قاعدتان:الأولى الحاكم العادل دون النظر في دينه .والثانية الهجرة من الظلم وطلب الحرية في اي مكان .والثالثة العودة في حالة تحقق دولة ترعى الإنسان والإنسانية .

 

والقرآن الكريم يصرح :((أن الله يأمر بالعدل والإحسان والمساواة وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتذكرون)) .فهذه الآية الكريمة جمعت كل معاني الخير والشر ،وهي أساس في الحكم ،وكل معنى له دلالة منفصلة عن الأخرى، لا كما ذهب أهل علم الأصول أن الألفاظ اذا اجتمعت اتحدت معانيها ،واذا افترقت ، اختلفت معانيها على اعتبار ان العطف تشريك في المعنى والحقيقة، ان العدل غير الإحسان والإحسان غير المساواة كذلك الفحشاء غير المنكر والمنكر غير البغي ، وتمثل هذه الآية عظمة القرآن الكريم في تحقيق الأهداف في جعل الحكم يحقق المطلوب، ورفض العنف والكراهية والعصبية والإرهاب، وتحقيق الهدف من خلق الكون وهو تحقيق سعادة الإنسان.

 

 وعدم الميل به إلى إنكار خالق الكون و الدين ليس شرطاً في ممارسة الحكم وإنما احترام الإنسان وبناءه وملعون من هدم الإنسان كما يحدثنا الأثر ، ولنقف أمام هذه الرواية عن الصادق عليه السلام: عن جعفر بن محمد بن مالك رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إخواننا يتولون عمل السلطان، أفندعو لهم؟

 

فقال أبو عبد الله عليه السلام: هل ينفعونكم؟ قلت: لا، فقال: ابرؤا منهم برئ الله منهم.

 

وهنا تكتمل الصورة في أساس المنفعة ،والمنفعة بحد ذاتها مصطلح اقتصادي صرف تنطلق منها معاني الفائدة والربح .وبذلك يرفض الإمام ان يكون المذهب أساس في مساندة الحاكم ،والدعوة له بل يجب البراءة الشرعية ،التي توجب نزع البيعة التي كانت صورة من صور شرعية الحاكم ،وهي دعوة للثورة والانقلاب الإيجابي في تصحيح المسار للحاكم الخارج عن شروط العدل والمساواة والإحسان ودخوله تحت مظلة إشاعة الفحشاء والمنكر والبغي في المجتمع وهدم القيم وقتل جمال الحياة وتنمية القبح الذي تنمو معه كل ألوان الضيم والظلم والطغيان .فتغدو الحياة جنهم وهي جنة ادم التي هبط اليها .وهبوطه كان تكريماً له لا كما يفهم أنها عقاب ،لذلك ترى الملائكة تشكل على الخالق سبحانه وتعالى ((أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبح ونقدس لك)). وبقياس المخالفة يفهم انهم يريدونها وهم أحق بها من هذا المخلوق الجديد ،فيأتي الجواب ((اني اعلم ما لا تعلمون)). وقد كرمنا بني ادم على العالمين ،وكرامتهم إعمار الأرض، بالخير وقتل الشر فالخير من عند الله، والشر من أنفسكم ،والله يريد الخير لكم والنفس تطمئن اذا أحرزت قوتها ،ولولا الخبز ما عبد الل،ه ولو كان الفقر رجلاً لقتلته ،لما يحدث من خلل في التربية الأخلاقية والسلوكية فيتحول الإنسان الذي كرم إلى معول يهدم الخير، والإنسان في الأرض كالماء للأرض حيث نزل وحل ،ظهر البناء والعمران، فهو زرع الله الذي يسقي الحياة بكل جميل والعناية به دون النظر في لونه وعرقه وقوميته ومذهبه ودينه، انما في انتمائه إلى الآدمية والإنسانية والبشرية ،فالويل لمن يحرق زرع الله ،فلا ينتظر شفاعة وتكريم وطاعة. .

 

إرسال تعليق

0 تعليقات