علي الأصولي
ذهب أصحابنا الإخباريون على اعتبار أن الأخبار الواصلة في الكتب
الأربعة وغيرها من كتب الحديث معتبرة من الجلاد للجلاد ، بخلاف علماء الأصول الذين
آمنوا بصحة الروايات بشرط حجية الطريق ومن هنا توسلوا بعلم الرجال لغايات تقيمية ،
ولجهل أو تدليس - الخاقاني - اخذ يروج أن كل ما موجود في الكتب الأربعة
فهي أخبار صحيحة متنا وسندا كون المؤسسين أوردوها بكتبهم - وأما كلام مقلدة مقلدة
مقلدتهم - فهو لا قيمة له ولا يؤخذ به بعد ذكرها في الكتب المعتبرة ،
ولو تلاحظ أن الخصم أولا: خلط بين - المحمدودن الثلاثة - أصحاب
الكتب الحديثية وبين عامة الإخباريين ، حيث أن الاتجاه الإخباري هو من يؤمن بصحة
ما موجود في الكتب الأربعة لا المؤسسين حسب تعبير الخصم ، لكنه جهلا أو تدليسا ساق
على أن ما موجود في الكتب الأربعة صحيحة عندهم والحقيقة أن طرقها صحيحة عند
الاتجاه الإخباري لا عند أصحاب الكتب أنفسهم ولا عند الاتجاه الأصولي ،
الشيخ الصدوق - بالفقيه - ضعف العديد من الطرق في مصنفه فمثلا ضعف
روايات سماعة لأنه واقفي وقواه في موضع آخر ويصف رواية عبد العظيم الحسني التي
تفرد بها بالغرابة بل طرح جملة من الروايات مع انها صحيحة السند ، كما صنع الشيخ
الطوسي في - التهذيب - في روايات عدم نقصان شهر رمضان عن ثلاثين يوما ، حيث ذكر
رواية صحيحة السند استخرجها من كناب محمد بن أبي عمير عن حذيفة بن منصور حيث قال:
وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه: أحدهما متن هذا الحديث لا يوجد في شيء من
الأصول المصنفة وإنما هو موجود في الشواذ من الأخبار ، ومنها: أن كتاب حذيفة بن
منصور - رحمه الله - عري منه ، والكتاب معروف مشهور ، ولو كان هذا الحديث صحيحا
عنه لضمنه في كتابه - انتهى:
وكما ترى ضعف الشيخ سند الحديث بقرينة خلو كتاب حذيفة مع ان السند
مم الصحيح الاعلائي ، بل أن الصدوق التزم بمضمون هذه الرواية ونظائرئها من عدم
نقصان شهر رمضان في ثلاثين يوما ، وادعى فيه انه من مسلمات المذهب ،
وكذا الصدوق في باب - الوصي يمنع ماله بعد البلوغ - يروي رواية عن
الكليني ثم يعقبها بقوله: قال مصنف هذا الكتاب ما وجدت هذا الحديث الا في كتاب
محمد بن يعقوب وما رويته الا من طريقه ، وكما يلاحظ المتتبع أن الحديث مع انه
مشتمل للإرسال ومع عدم تعلقه بحكم فقهي - كون الحديث يلحظ إثم الوصي فيما لو زنى
الوارث - الا أن الصدوق نبه على تفرد الكليني بهذا الحديث وبالتالي لا يعتقد
الصدوق بصحة أو قطيعة كل ما يرد في - الكافي -
والكلام عن الكليني نفس الكلام ففي باب - الطلاق للعدة - يروي
الكليني رواية مسندة عن عبد الله بن بكير - وهو من أصحاب الإجماع - عن أبي عبد
الله - ع - الا أن الكليني يطرحها معللا ذلك بأن مضمون الرواية هو رأي ابن بكير
وهو رأي الفطحية الذين هم جماعة أين بكير ، لا رواية الإمام - ع –
وغيرها من الأمثلة الكثيرة التي عجت بها أبحاث الرجال فراجع ، ومنه
يتضح حال من يطلق الدعاوى العريضة على أن كل ما موجود في الكتب الأربعة معتبر وقد
خلط المدعيات بين اعتبار الكتاب ونسبته لصاحبه وبين اعتبار ما موجود فيه فحسب
الاعتبار واحد وهو كما ترى اعتبار الكتاب لا يلازم اعتبار كل ما فيه ، واعتبار ما
فيه عند الاتجاه الإخباري لا يلازم اعتبار عند نفس أصحاب الكتب الأربعة فتفطن ولا
تقع فريسة الجهل أو التدليس المحكم ..
0 تعليقات