عز الدين البغدادي
هناك رأيان في تناول قضية الخلافات التي حصلت بين الصحابة، فهناك
من يرى عدم جواز ذكر هذه الأمور حيث يحتج بقوله تعالى: ( تلك أمة قد خلت لها ما
كسبت ولكم ما كسبتم )، يقابله رأي آخر يقول بأن من الخطأ السكوت عما حصل والنظر
إلى الصحابة كحالة واحدة، وإلا فإننا سوف نخلط بين الأمور بما يخرج عن الإنصاف
والمنطق معا، وكثيرا ما يتم الاحتجاج بقصة تهكمّية تقول بأن رجلا مر على رجل يبكي
على قبر فسأله :
من تبكي في هذا القبر؟
فقال : أبكي على سيدنا حجر بن عدي رضي الله عنه. فقال له : ما به ؟ فقال : قتله
سيدنا معاوية رضي الله عنه. فقال الرجل: ولماذا قتله ؟ فقال : لأنه امتنع عن سب
سيدنا علي رضي الله عنه. فجلس الرجل يبكي فقال له الرجل : وأنت لماذا تبكي ؟ فقال
الرجل: أبكي عليك أنت رضي الله عنك.
فهذا الرجل ساوى بين الجميع، ساوي بين المحسن والمسيء وبين الضحية
والجلاد.
هذا الطرح المنطقي ظاهرا فيه إشكالية منهجية أخلاقية تتعلّق بطريقة
تفكيرنا التي نعتقد انها موضوعية لكنها في الحقيقة تتأثر بمتبنايتنا الفكرية
والعقدية، ولتوضيح الفكرة نقول: فقد عاصرنا خلافات حصلت فعلا بين المرجعيات
الدينية لا سيما في عقد التسعينات، وكان هناك متعصبون يتهجمون على مرجع ويدافعون
عن مرجع آخر، بينما هناك من ينطلق من شعور أعلى بالمسؤولية ويقول بأنه لا فرق بين
المراجع وأن علينا ان ننظر فيما نتفق به ونترك ما نختلف عليه، ويحاول نفي أو تقليل
الاختلافات بين المراجع.
أي انه طبق النظرية التي ينتقدها تلك النظرية التي تقول بأن علينا
أن لا ننظر او نتجاهل الخلافات بين الصحابة، حيث رفضنا تطبيقها بين الصحابة
وطبقناها على المراجع.
طبعا بالنسبة لي لا أتبنى فكرة عدم الخوض مطلقا فيما شجر بين
الصحابة، بل اعتقد أنها قضية تاريخية يمكن بحثها ضمن منهج علمي تاريخي كغيرها من
الأحداث التاريخية لكن دون محاولة لتضخيم القضية أو فرضها على الواقع الحالي.
0 تعليقات