عز الدين البغدادي
يعترض البعض على من ينفي ثبوت علم الغيب للأنبياء أو للأئمة بأن
القرآن الكريم قال: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول)
فاثبت استثناء للأنبياء، والأئمة ورثتهم في العلم. كما أن هناك كثيرا من الروايات
الصحيحة التي وردت عن النبي (ص) تخبر عن أمور مستقبلية غيبية، و منها أحاديث النبي
محمد (ص) بما يجري على أهل البيت من ظلم و جور و منها إخباره بما سيجري على الإمام
الحسين ع و حزنه بكاءه قبل شهادته بما يقارب 50 سنة وإخباره بشهادة عمار بن ياسر
وغير ذلك. فضلا عما ورد من روايات في بعض المصادر و منها نهج البلاغة التي بينت
الكثير الكثير من الأمور و الأحداث المستقبلية و غيرها وكثير من الأحاديث الكثيرة
؟؟؟
والحقيقة أن هذا ليس من المقصود، فهناك أمورا فعلا اخبر عنها النبي
(ص) الإمام عليا (ع) بل حتى حذيفة بن اليمان علمه النبي (ص) أمورا عن المنافقين
اختص بها، وحذيفة بالتأكيد اقل من الإمام علي (ع) رتبة ومكانة وعلما. فهذه من الأمور
التي اخبر الله بها نبيه (ص) وهو أخبر الإمام أو غيره بها، وهذا ممكن بل وواقع،
وهو متفق عليه وليس موضع نقاش.
إن آية (عالم الغيب …إلا من ) ليست حجة لمن يثبت علم الغيب للإمام
وهي ليست لصالحه، أولا: هي أثبتت ان علم الغيب لله وانه لا يظهر أحدا عليه، أي ان
هذا هو الأصل، ثانيا: استثنى ( إلا من ارتضى من رسول) أي أن الاطلاع على الغيب
استثناء لبعض الناس وهو (من ارتضى من رسول) فانه يطلع بعضهم بشكل محدود ولو كان
النبي يعرف الغيب معرفة غير محددة لما قال تعالى ( ومن أهل المدينة مردوا على
النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ) ولما قال: ( ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير
وما مسني السوء)
كما انه ليس المقصود تلك المعرفة التي يمكن ان يصل إليها بعض البشر
بطريقة مشتركة وان كانت نادرة، واقصد بالمشتركة أنه يمكن لأي أحد أن يكتسبها إذا
اخذ بأسبابها كما يحصل عند بعض الصوفيّة أو فقراء الهنود.
وأيضا يخرج من البحث أي معرفة ترجع للعلوم الرياضية أو الطبيعية
مهما كانت متميزة أو خارقة للمعرفة الموجودة في زمن ما، لأنها ترجع الى أسباب
موضوعية يمكن أن يحصل عليها اي شخص، ولا يعرفها الإمام أو يختص بها بحكم منزلته بالتأكيد.
بل الخلاف في غير ذلك بمعنى أن أشياء تحصل في البلدان المختلفة وفي
البيوت وفي الأسواق وفي البحار والغابات وغير ذلك من حوادث لا متناهية والإمام
يعرفها ابتداء بقدرته هو كإمام اي بحكم منزلته وباعتبار أن هذا مما تقتضيه إمامته،
فهذا هو موضع النقاش.
0 تعليقات