آخر الأخبار

غزوات الأطلنطي (1)

 

 



مالك الاشتر

 

مع اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح ووصول مدافع البرتغال لقلب عالمنا الإسلامي ومن ورائهم جاء الأسبان والهولنديين ثم بريطانيا وفرنسا، بدأت الجاهلية تعود لعقولنا من جديد بشكل ملحوظ.

 

لقد قام هؤلاء بتقسيم شعوبنا ورسم حدودنا حسب رؤيتهم ومصالحهم وحسب ما رواه مؤرخوهم عنا والرحالة من بني جلدتهم من «الخواجات» الذين زاروا بلادنا سياحا، وحسب مواردنا الطبيعية التي أرادوا تقسيمها بما يلائم مصالحهم، وأخر همهم كان الإنسان فلم يعرفوه ولم ينظروا له الا كعبد ويد عاملة رخيصة.

 

غالبا عندما يأتي أمامي أخبار من هنا أو هناك عن خلاف لبناني سوري أو جزائري مغربي أو مصري سوداني أو خلاف بين جيبوتي واريتريا قد يصل للاشتباك العسكري أو صراع بين باكستان والهند أو كراهية بين سوري وعراقي أرى هذا الأمر متجسدا بقبحه بوضوح.

 

👇

 

ان تلك البقعة الجغرافية الممتدة من طرابلس ليبيا وحتى مراكش والصحراء المغربية وشمال موريتانيا لطالما كانت شعبا واحدا متشابها، تاريخه مشترك ولهجاته متقاربة وأنماطه الغذائية وعاداته الاجتماعية واحدة، وكان في اتجاهه السليم ليصبح كيانا موحدا قويا يناطح السحاب بعد مسيرة حضارية وصعود وهبوط ودول تقوم ودول تنهار عبر آلاف السنين.

 

فبات اليوم تونسيا وليبيا وجزائريا ومغربيا وصحراويا وموريتانيا بتقسيم المستعمر الذي قرر مبكرا وقف وتدمير هذه المسيرة، هذا المستعمر الذي مازال حتى اليوم يسيطر علي سبتة ومليلية ولا نجد غضبا عند أهالينا هناك كذلك الذي نجده بين بعضهم البعض.

 

وفي الجهة الأخرى من عالمنا وعلى شاطئ المتوسط الشرقي، وفي عام 1920 قرر المستعمر بعد مؤتمر فرساي الشهير تقسيم الشام وأعلن قيام دولة لبنان الكبير ورسم حدود إمارة شرق الأردن تعويضا للشريف الحسين وأولاده ورسم حدود سوريا مع العراق والأناضول حسب هواه، وكان قبل ذلك قد قطع وعدا ببيع فلسطين لليهود ورسم حدودها، وكل هذه الحدود ليس لها علاقة بتاريخ المنطقة وأهلها ومسيرتها الحضارية، بل هي هوى المستعمر، وكل هذه البقعة التي تسمى الشام هي شعبا واحدا لهجاته متقاربة ونسيجه واحد ومصيره واحد.

 

ليست المصيبة في ذلك فقط، بل إن كل من ولد وعاش داخل هذه الحدود التي لم يصنعها هو ولا تراثه ولم يخض أجداده حربا من اجلها وليس لها علاقة بتطور تاريخه الطبيعي المتجذر منذ من قبل الميلاد، بات يعبدها ويتعصب لها تماما كتعصب قبائل الجاهلية وباتت هذه الحدود هي ما ألفينا عليه آباؤنا وقد تقوم الحروب وتراق الدماء دفاعا عن ذلك الصنم والوهم.

 

🌸

سنبدأ معا بعون الله مسيرة منشورات متتالية تحت عنوان غزوات الأطلنطي، بسيطة وتوضيحية، ستناول ما حدث في الشام وما تم في وادي النيل والشمال الإفريقي والقرن الإفريقي منذ وضع المستعمر قدمه فيه، وكذلك مركزية مصر في هذه الأحداث بوصفها قلب هذه الأمة ومقياس نبضها، من منظور كاتب مصري مسلم شيعي تعلم من أهل البيت عليهم السلام معنى العزة ورفض العبودية ،، وأرجو أن تنال إعجابكم بعون الله.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات