علي الأصولي
من الدناءة والخساسة بمكان أن تتمكن من صنعة علمية ما، وتحاول أن
تتلاعب بذهنية المتابعين الذين لا يجيدون الصنعة وفن المغالطات،
أن تعنون مقالك بعنوان - محمد الصدر: من ينكر المتعة فهو خارج عن
التّشيّع!!
وأنت تعلم وغيرك من أهل الاختصاص والمهتمين في الشؤون الدينية عامة
والفقهية خاصة يعلمون. أن إنكار المتعة مشكل جدا لأنه راجع إلى مقولة التكذيب.
تكذيب الحكم الشرعي الصادر من جهة معصومية، ليس من تفردات - محمد الصدر - بل ضع
يدك على من تشاء من فقهاء الإمامية. وانظر تصريحاتهم في مسألة إنكار الضروري
الفقهي،
على العموم إقحام اسم السيد في المقام شنشنة اعرفها من اخزم!
ما يعنيني هو نص جواب المرحوم السيد الشهيد بعد أن قيل له: : «هناك
بعض النّاس كما تعرفون في قلوبهم مرض؛ فبمجرّد فتح موضوع زواج المتعة قال لي بصوت
عالي: هل تقبل أن يتزوّج رجل من أخواتك زواج متعة، فماذا أقول لهم، وما هي الحجّة
الدّامغة لإسكاتهم؟» انتهى السؤال وحاول أن تلاحظ ان أصل السؤال لحالات فردية تحصل
هنا أو هناك، وفي مثلها يكون الجواب من سنخها اي فرديا خاصا.
ولذا أجاب السيد بما نصه:: «بسمه تعالى: هذه من ضروريّات المذهب،
ومن يُنكره فكأنّه خرج من التّشيع إلى التّسنن أو أيّ ملّة أخرى، ودان بغير ما
أنزل الله، بعد كونه منصوصاً في كتابه الكريم، وأمثال هؤلاء أما أن تتركهم، وأمّا
أن تقبل بالنّتيجة لأنّها ليست محرّمة بل عليها ثواب، أعني بغض النّظر عن
المضاعفات الدّنيوية الّتي يعملها المنكرون الجاحدون». [مسائل وردود: ج4،
ص62ـ63].أنتهى.
وهنا عليك ان ترجع لعنوان المستشكل وتتأمل في إجابة الشهيد الصدر!
حيث ان العنوان غير المعنون، إذ نص في عنوان مقاله أعلاه ( محمد
الصدر: من ينكر المتعة فهو خارج عن التشيع - ولكن سوف تقف على ما نسميه بالتدليس.
إذ نص الصدر على ما حاصله: ومن ينكره - اي حكم المتعة - فكأنه خرج من التشيع!
وكما تلاحظ أوهم المستشكل بحسب العنوان وهو الحكم بالخروج من
التشيع بينما الإجابة هي - فكأنه خرج من التشيع - فهو تشبيه فحسب،
ثم حاول المستشكل أن يعرض صفحة ثانية من الاعتراض إذ قال:
ومن حقّ المتابع أن يسأل هذا السّؤال الجريء: إذا كانت المتعة
بصيغتها الاثني عشريّة تحمل ثواباً عظيماً فلماذا لا يبادر الإمام أو المرجع نفسه
إلى حثّ ناموسه العرفي عليها والمفترض به أن يكون المصداق الأكمل والأتمّ لتطبيق
هذه المستحبّات العظيمة قبل أن يأمر الآخرين بها؟! ولماذا يشعر بالحرج الشّديد
وانتفاخ الأوداج بمجرّد أن يفاجئه الشّخص بمثل هذا الاستفسار الطّبيعي وهو يتحدّث
لمستفتيه عن ثواب المتعة العظيم خصوصاً للنّساء؟! أنتهى:
وفيه: أولا: لا ملازمة بين ترتب الثواب العظيم على فعل ما وبين ضرورة
الإتيان به - ما دام دائرة هذا الفعل هو الاستحباب -
ثانيا: لم نشهد أن إماما من أئمة أهل البيت (ع) أو مرجعا دينيا من
مراجع فقهاء مدرسة اهل البيت أمر الآخرين بزواج المتعة - ببساطة أن قولك قبل أن
يأمرهم - كذب مفضوح إذ لا أمر في دائرة الاستحباب.
نعم لك ان تقول يحثهم أو حثهم ومشتقاتها، وأما أن تخترع من عندياتك
- آمر يأمر - فنحن في حل من هذه الكذبة!
وختم الخصم مقاله بما نصه:
وأخيرا: أتمنّى أن نتجاوز لغة الإخراج والإدخال في المذهب استناداً
إلى مثل هذه البحوث الجدليّة المرفوضة اجتماعيّاً وبقوّة أيضاً؛ وإنّ الإصرار
عليها وحثّ المقلِّدين إليها سيخلّف مفاسد هائلة لا تحمد عقباها، خصوصاً إذا
طوّقنا ذلك بلغة المقدّس والتّابوهات، وعلينا أن نسلب حقّ تقرير مصير مثل هذه
الأحكام الاجتماعيّة من أشخاص عاشوا في القرون
وفيه:
أولا: لكل مذهب ديني أو فكري أو فلسفي حدود وضوابط ومن يتخطى تلك
الحدود والضوابط فهو خارج عن حريم ذلك المذهب والكلام في الدين أو الأديان نفس
الكلام،
فالحديث بضرورة تجاوز لغة الإخراج لازمه الفوضى في الأديان
والمذاهب والأفكار والمتبنيات - لاحظ دائما يقع الخصم في مشكل الملازمات ومخرجات
ما يذهب إليه –
ثانيا: أن هذه البحوث والتي منها - بحث المتعة - ليست من البحوث الجدلية
بلحاظ ما نؤمن به مذهبيا. بل حتى عند العامة وفقهائهم أشكالهم على المتعة لا
بالأصل بل بالنسخ،
ثالثا: لا اعرف ماذا يقصد بالمرفوضة اجتماعيا - إذ كان يقصد أصل
المتعة فالعرف ليس بحاكم يرفع ويدفع، وإذا كان التطبيق فالمسألة لا نجد لها رواجا
مجتمعيا لأسباب وعوامل عشائرية ونحو ذلك.
رابعا: قوله ما مضمونه ينبغي ترك هذه الأحكام التي قررها أناس
عاشوا في القرون الثلاثة الأولى. فلا نتفاعل معه كون ان المقرر هو نفس المشرع
والحمد لله رب العالمين.
0 تعليقات