علي الأصولي
في حال أراد الباحث الموضوعي وتقديم أطروحته وبيان المعالم، معالم
الحسين الحقيقي والحسين المذهبي، فلا خيار أمامه إلا سلوك طريق التاريخ في العرض
وما اكتنف التاريخ من نصوص وبيانات حول صورة الشخصية ومعانيها الحقيقية دون
المذهبية الصرفة،
وهذا ما يلزم الباحث الذي يحاول اجتناب القيود والشروط المذهبية
والخروج برؤية منصفة في البحث العلمي، بالتالي يلتزم من يروم البحث ومحددات
المعالم الحقيقية في ما صح واتفق عليه إسلاميا على مستوى التاريخ والحديث،
فمثلا لا مناص للباحث وان يعترف بجلالة الحسين بن علي(ع) ومكانته
التاريخية وما تمتنع به من مكانة بحسب ما اتفق عليه أرباب التاريخ والحديث عند أهل
المذاهب،
فلو حذفنا النظرة المذهبية للمشهور الشيعي الإمامي الاثنى عشري،
وعزلنا مقولة الإمامة الإلهية ومقولة واسطة والفيض في قوس الصعود والنزول، وغيرها
من المقولات في الأدب العقدي المذهبي، وبالتالي الاكتفاء بما صح واتفق تاريخيا
وحديثيا حول شخصية الحسين بن علي(ع) لما أمكن لاي باحث يحترم عقله أن يقفز عن
مخرجات ما تفضي إليه مقالاته،
بيد نحن أمام باحث يكثر من إظهار أناقته العلمية وادعاءاته
الموضوعية والدوران مع الدليل، نعم: يدعي كل ذلك مع ان الواقع وبالتجربة ثابت ما
هو خلافه، وخلاف ادعاءاته العريضة، ولعل أول مطب وقع فيه هو اختلال المنهج في
بداية ما يريد أن يعرض حيث قآل: الحسين الحقيقي هو إنسان كغيره من صغار الصحابة،
له ما له وعليه ما عليه،
وبما أن اغلب من اعترض عليه خارج تخصصا ظن أن مصطلح صغار الصحابة
سبة، بيد أن هذا المصطلح معمول به في علم الحديث والدراية حيث تصنيفات الأصحاب،
فمن كان إسلامه متأخرا أو عاصر النبي(ص) وهو طفلا يعتبر باصطلاحهم من صغار
الصحابة،
ومع أن هذا الاصطلاح يوظف في علم الحديث فقد حاول الأخر أن يصنف به
شخصية الإمام الحسين(ع) الحقيقية، بينما أن البحث عن معالم الشخصية يكون بلحاظ
التاريخ لا بلحاظ صناعة الحديث واصطلاحاته المتأخرة، وهذا ما عبرنا عنه باختلال
المنهج أعلاه؛
ومن الشواهد وعدم الموضوعية هو قوله: الحسين المذهبي كان ولا زال
رزقاً دارّاً لملايين الأُسر الشّيعيّة على مرّ التّاريخ ومشاريع الاستحلاب في
تزايد وتوسّع مستمرّ وبعناوين دينيّة ومذهبيّة معروفة،
وكما تلاحظ خلط الباحث الموضوعي المنصف بين البحث عن معالم الحسين
الحقيقي وبين توظفيات الحسين المذهبي، بيد أن التوظيفات السيئة لا تحدد ولا تكشف
معالم الشخصية حقيقية كانت أو مذهبية ، فهذا أمر وذلك أمر آخر ولا تلازم بينهما
البتة، والى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات