آخر الأخبار

دك قلاع التايمز : هارون وقبر أمير المؤمنين(ع) بين الحقيقة والوهم ..

 

 




علي الأصولي

 

في سنة أربعين من الهجرة أوصى أمير المؤمنين(ع) وإخفاء قبره الشريف لدواع مذكورة في محلها،

 

والإخفاء كان عند عامة الناس بما فيهم شيعة أئمة أهل البيت(ع) عملا بالوصية،

 

وبعد أفول الخطر وتقادم الزمان وتغير الأجيال وقيام الدولة العباسية تحديدا في عام (132) هجرية، أظهر الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) موضع القبر لشيعته بل وأمرهم بزياردته، بعد أن ورد للعراق بطلب السفاح العباسي آنذاك، إذ التقاءه في الحيرة، وقد بنى الإمام على القبر الشريف دكة كدلالة وشاخص على المكان،

 

وهذا ما صرح به شيخ الطائفة وكبيرها المفيد وروى إسحاق بن جرير عن الصادق(ع) قال: أنه لما كنت بالحيرة عند أبي العباس - السفاح - كنت آتي قبر أمير المؤمنين(ع) ليلا وهو بناحية نجف الحيرة إلى جانب غري النعمان، فأصلي عنده صلاة الليل قبل الفجر ، انتهى:

 

نعم: وبعد تردد الإمام للقبر الشريف وجدناه كما في الرواية أنه أعط لصفوان الجمال مبلغا من المال لإصلاحه. إصلاح القبر لا على طريقة جعله دكان للارتزاق والاستئكال بل لغاية إظهار الاحترام والتبجيل لصاحب القبر وبالتالي المكان شرفه بالمكين،

 

ومن هنا قال صفوان: قلت: يا سيدي اتأذن لي أن اخبر أصحابنا - لأحظ ودقق - من أهل الكوفة به؟

 

قال: نعم، وأعطاني دراهم وأصلحت القبر . انتهى: وكما نلاحظ أن الجمال استحصل الإذن بإذاعة الخبر بين الوسط الكوفي الذي له علم إجمالي بموضع القبر ولكن الدقة والتفصيل لا أحد منهم يعلم مكانه. وعندما نقول أن أهل الكوفة لا يعرفون مكان قبر أمير المؤمنين(ع) فذاك شامل لعامة أهل الكوفة بما فيهم شيعة جعفر (ع) فضلا عن غيرها من البلدان،

 

ومن هنا تعرف وهن واختلاق قصة هارون والسفرة والكلاب التي زعم أنها القصة في اكتشاف القبر والبناء عليه على عهد موسى الكاظم(ع) وان ذكرها المفيد في (الإرشاد) إذ أن متنها هكذا: روى محمد بن زكريا قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عائشة قال: حدثني - لأحظ - عبد الله بن حازم - من هو عبد الله بن حازم هذا - انظر - قال: خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة نتصيد فرصرنا إلى ناحية الغريين والثوية فرينا ظباء، فأرسلنا عليها الصقور والكلاب فجاولتها ساعة ثم لجاءت الظباء الى أكمة فوقفت عليها فسقطت الصقور ناحية ورجعت الكلاب، فتعجب الرشيد من ذلك، ثم قال: إن الظباء هبطت من الأكمة فهبطت الصقور والكلاب فرجعت الظباء الى الأكمة فتراجعت عنها الصقور والكلاب، ففعلت ذلك ثلاثا، فقال الرشيد هارون، اركضوا فمن لقيتموه فأتوني به، فاتيناه بشيخ من بني أسد، فقال له هارون اخبرني ما هذه الاكمة؟ قال: إن جعلت لي الأمان أخبرتك، قال: لك عهد الله وميثاقه إلا أهيجك ولا اؤذيك. فقال: حدثني أبي عن إبائه أنهم كانوا يقولون إن في هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب(ع) جعله الله حراما لا يأوي إليه شيء إلا آمن، انتهى:

 

ولنا على هذه الحكاية مناقشة:

 

أولا: أن صحت القصة فهي لا تعدوا كونها راويها - الشيخ الاسدي - المجهول - من عامة أهل الكوفة لا من خاصة الشيعة الذين تعرفوا على قبر الإمام بإشارة الإمام الصادق(ع) إذاعة وإعلام صفوان الجمال،

 

ثانيا: ظاهر الشيخ الكوفي يعرف المكان إجمالا لا دقة وتفصيلا كما يعرفها عامة أهل الكوفة لفترة طويلة آنذاك.

 

ثالثا: الأمان الذي ذكر في القصة - لا ياؤي إليه شيء إلا آمن - فهو أمان عادتي لا تكويني لازم كالعلة والمعلول وهذا معروف بشهادة الوجدان بما لا مزيد عليه.

 

رابعا: أن راوى القصة على ما يظهر أنه أحد أصحاب هارون ومقربيه بل من ندماءه يمكن أن يقال أنه رواها لتجميل صورة الرشيد بعد دعوى عمارة القبر العمارة المزعومة.

 

إلا أن الدميري في كتاب (حياة الحيوان الكبرى) نقل عن ابن خلكان أن هارون حجر القبر - أي وضع عليه حجارة - بدون الإشارة لبناء قبر وآجر ابيض ونحو ذلك. ويكفي في تكذيب عمارة القبر والقبر بأمر هارون أن القباب لم تكن معروفة بزمنه. إذ أن أول قبة عرفت على ما ذكروا كانت مشيدة على قبر المنتصر بالله بن المتوكل العباسي في سامراء،

 

بالتالي توهم صاحب كتاب (فرحة الغري) بذكر رواية القبة في كتابه.

 

وبالجملة: لا أتفاعل وهذه القصة المثيرة التي ذكرت في - الإرشاد - وان تنزلنا وصحتها فهي تلحظ الاشتهار بين الناس كل الناس ولا تلحظ فرض التعيين والتشخيص. الذي قد عرف برتبة سابقة كما عرفنا وإلى الله تصير الأمور ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات