آخر الأخبار

زفة العجم

 

 


 

 

مالك الأشتر

 

مازال بعض كبار السن في بلادنا يتذكرون ما يسمى ب«زفة العجم» والتي كانت تبدأ في كل عام مع الأول من محرم لمدة عشرة أيام متتالية، فتبدأ مسيرة الموكب من «الحسينية» أو التكية الأعجمية في شارع الموسكي حتى تصل للمشهد الحسيني.

 

ويؤرخ لها بشكل واضح علي باشا مبارك في كتابه «الخطط التوفيقية» وسجلها كذلك عددا من الرحالة منهم منهم المستشرق ماكفرسون في كتابه «الموالد في مصر» ويصف كليهما كيف كانت تمر الزفة يوميا لمدة عشر أيام في أكثر شوارع القاهرة ازدحاما بالسكان ويتجمع حولها مئات من الأهالي لمشاهدتها دون أي تعصب مذهبي أو طائفي حتى أن ماكفرسون يقول نصاً: " فإذا وضع في الاعتبار كيف كانت العداوة بين " السنة " و" الشيعة " ، في أجزاء كثيرة من عالم الإسلام ، وأن الأغلبية العظمى من القاهريين " سنيون " ، فان تقديرا كبيرا – واحد من كثير – يستحق للتسامح المصري ، في اتحاد السنة والشيعة في رابطة واحدة في المسجد ، وأن لا شيء يرى في الموكب سوى التعاطف والمشاركة الوجدانية ".

 

ويعود سبب التسمية بزفة العجم إلى خروج الموكب من التكية الفارسية التي كانت مقرا للإيرانيين المقيمين في مصر في زمان أسرة محمد علي باشا، وكذلك كعادة أهل مصر يطلقون على كل ما هو شيعي لفظ «أعجمي» مثل ما أوضحنا في منشور سابق كيف يسمي الناس مالك الاشتر ب"الشيخ العجمي"، وإلا فإن الزفة لم تكن أعجمية خالصة بل كان بها مصريون يجاهرون بتشيعهم دون أي مشكلة أو خوف، بل إن بعض المدققين والنقاد يرون على سبيل المثال أن شخصية «سي السيد» في ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة مستوحاة من شخصية حقيقية احتك بها محفوظ في صباه حيث كان سي السيد يعيش في منطقة الحسين وكان شيعيا يحضر زفة العجم الشهيرة.

 

ولم تشكل يوما شعائر البكاء على الحسين أي إزعاج لدى أهل مصر المتشيعين بفطرتهم وتراكم تاريخهم المتشبع بالنزعة العلوية الهاشمية.

 

وفي عام 1914 ومع قيام الحرب العالمية الأولى وفرض الحماية البريطانية على مصر وعزل الخديو عباس الثاني وتعيين عمه سلطانا بقرار بريطاني صدرت مجموعة قرارات أمنية من ضمنها حظر ومنع زفة العجم وظلت ممنوعة منذ لك الوقت.

 

عظم الله أجرنا وأجركم بمصابنا ومصاب أهل السماوات، ورزقنا شفاعة الحسين يوم الورود.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات