آخر الأخبار

أزمات ومفاوضات

 


 

علي رحيل

 

 

عالم متغير في كل شيء إلا في نمط صنع الأزمات

متطور في كل مناحي الحياة الا في طريقة صناعة الحروب أو انهاؤها

 

ويبقى لكل الحروب طريق واحد وأخير هي المفاوضات

وغاية واحدة هي السلم

وتستمر الحروب وتتلوها مفاوضات

 

يوما ما كان العالم كله يحبس أنفاسه في أخطر مواجهة بين قوتين مدججة بأسلحة فتك تنهي العالم بأكمله وبينما العالم يحبس أنفاسه وأروقة الأمم المتحدة بين شد وجذب كانت المفاوضات جارية في مطعم بسيط وصغير في أحد شوارع العاصمة واشنطون لأن كنيدي كان يؤمن بالحكمة والقاعدة الذهبية في المفاوضات وفي علاج الأزمات وهى :

 

أن يترك لخصمه التراجع بكرامة وكبرياء

ولجمت بوادر الحرب لتنطلق من بعدها أشرس مراحل الحرب الباردة

 

وفي الحرب العراقية الإيرانية صرح كيسنجر لمعاونيه هامسا : هذه أول حرب في التاريخ نتمني أن يخرج منها الخصمين في حالة انهزام فلا تسجل حالة انتصار لأي جانب ومن هنا رأينا أثناء سير المعارك أنه حين ترتفع يد فريق بشارة نصر وتميل الكفة باتجاهه تجد الأسلحة طريقها للجانب الآخر ومع أزمة ماعرف بإيران كونترا عرفنا أن الولايات المتحدة لم تكن راغبة في رؤية دولة قومية كالعراق أو دينية كإيران قد تهدد مصالحها

 

ووصفها ملك خليجي بيت شعري :

 

لاتحتقر كيد الضعيف فربما ... تموت الأفعى من سموم العقارب

 

وكان في قصده يشير إلى ضعف العراق أمام قوة إيران والعكس كان ماتوقع حين أصبحت الأفعى نووية لأنه لم يكمل البيت :

 

فبين اختلاف الليل والصبح معرك ... يكر علينا جيشه بالعجائب

 

وبعد كل هذه الأرواح التي ذهبت كانت النهاية دون تحقيق أسباب الحرب للطرفين كلمات أطلقها آية الله الخميني : كنت أتمنى أن أتجرع السم قبل أن أوقف إطلاق النار.

 

ومن حينها توقفت الحرب بين الحدود لتعم المنطقة بأكملها حرب من نوع آخر لازالت نتائجها حتى اليوم

 

وقال السادات يوما بعد انتصار العبور : أنا مستعد أن أذهب إلى أي مكان في العالم من أجل السلام حتى لوكان هذا المكان هو القدس نفسه والكينست نفسه في الدورة البرلمانية لمجلس الشعب بعد تأجيله لمدة يومان انتظارا لرأي جيمي كارتر ومحاولات البحث عن ياسر عرفات الذي كان قد سافر إلى طرابلس والذي خرج من مجلس الشعب بعد سماع الخطاب وهو يقول : ألبسني العمة وأنا جالس ليؤكد عدم درايته بهذا التصريح

 

وفي نفس الليلة كان الصحفي الأمريكي الشهير ( والتر كرونكايت ) يتصل بالسادات لإجراء لقاء معه عبر الأقمار الصناعية ويسأل السادات حول جدية قراره بزيارة الكينست ليجيب السادات بالتأكيد ... حينها فاجئه الصحفي كرونكايت بالقول : سيادة الرئيس معي على الخط وأمام مشاهدين الآن مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل فهل تسمح لي بسؤاله متى يمكن توجيه الدعوة إليك بالزيارة ؟

 

ويجيب السادات موافقا

 

ويسمع جواب مناحيم بيغن بأنه سيوجه الدعوة للرئيس السادات لزيارة الكنيست

 

في الصباح الباكر كان السفير الأمريكي في القاهرة ( هيرمان ايلتس ) ينقل دعوة للسادات من بيغن لزيارة القدس

 

وانتهت من حينها حرب شرسة والانتقال إلى مفاوضات أشرس لم تنتهي حتى هذه اللحظة

 

وأيضا بعد صراع مرير ومحاولات العالم كله لإقناع الرئيس الراحل ياسر عرفات لقبول قرار الأمم المتحدة رقم 242 والذي أكد في أكثر من مرة ( تقطع يدي ولا أوقع هيك قرار ) وكان الموافقة على هذا القرار شرطا لكتلة جحال التي - أصبحت فيما بعد الليكود - شرطا لفك الاشتباك مع مصر بعد حرب يونيو

 

.. تبدلت الحال والأحوال بعد خروج الشعب الفلسطيني الرافض للخروج من بلده والمحافظ على هويته فيما عرف في العالم بالانتفاضة أو ثورة الحجارة فكان لابد للقيادة الفلسطينية من أخذ مبادرة - لحفظ ماء النضال - فكان القرار بقبول القرار موضحة المنظمة أسبابه بإيجاد أرضية للعمل السياسي يدعم موقف الانتفاضة وأيضا لإقناع العرب بأن المنظمة الفلسطينية - المتأسسة بعد النكسة - ليست عقبة في حل سلمي مع إسرائيل

 

وانتهى النضال لتبدأ حرب سياسية لن نعرف نتائجها أبدا .

فلاتراعوا من المفاوضات والجلسات فإن هي إلا أبجديات السياسة المقررة على الساسة في فصلهم الأول أو ربما مرحلة الإعداد المعروفة لدى الأطفال كي جي 1 أو 2 وهى بعيدة عن الكي جي بي وفي أول مناهجها نظرية تقول :

 

لاصديق دائم ولاعدو دائم ولكن هناك مصالح ـ ونتمنى أن تكون دائما في صالح الوطن ـ

 

ولاشرط أن تكون مؤقتة أوحتى موقوتة

دائمة أو حتى نائمة فلعلهم يوقظون النواما

 

إرسال تعليق

0 تعليقات