علي الأصولي
من التساؤلات المثيرة ، التي حاول السيد القزويني إثارتها لتحريك
المياه الساكنة على المستوى التاريخي ، هو عدم معقولية إرسال جيش قوامه ما يقارب
تعداده بالآلاف بحسب تعدد المرويات التاريخية ، لمواجهة أفراد بالعشرات كانوا في
صحبة الإمام الحسين (ع)؟
وكان بالإمكان لحاكم الكوفة إرسال فرقة أو عدد من الكتائب لمواجهة
الحسين بن علي في كربلاء وإنهاء حركته ، بدل ان يجهز جيشا ويحشر الناس جماعات وأفراد
من كل فج عميق!
يبدو لي بأن مشكلة السيد في القراءة التاريخية تكمن باتجاه نفس
الحدث بمعزل عن حيثياته المحيطة به ، وهنا سوف نطرح عدة محتملات للإجابة عن أصل
التساؤل ، وان اي احتمال قريب الجواب فهو كاف برد السؤال ويهدم نتائج التفرعات
التي شرق بها السيد تارة وغرب تارة أخرى ،
(١) يمكن ان يقال ان الإمام الحسين (ع) لم يكن في حسبانه انه في
طريق انتزاع السلطة قهرا وبقوة السيف من حاكم الكوفة ( الضعيف ) بحسب الحسابات
السياسية الشامية ، فقد عرف عن ( النعمان ) ميوله للدعة والسلامة وعدم المواجهة ،
مع الخصوم في الكوفة وخارجها ، فكان هذا السبب كاف وعدم تجيش الناس من قبل الحسين
(ع) في الحجاز ،
(٢) لو كان في نية الإمام (ع) جمع الناس لا اقل أنصاره وأنصار أبيه
، والمتعاطفين معه ، لانتظر حتى ينهي الناس مناسكهم في الحج ، وعدم الاستعجال
بالخروج يوم التروية والناس في شغل عبادي ، وعدم توفر الاتصالات الكافية وبيان
مستجدات المواقف السياسية السريعة ، ولو بقى الإمام لأكثر من أنصاره ،
(٣) الملاحظ في المسيرة الحسينية ، وعلى طول خطها من الحجاز الى
العراق ، حاول الإمام عزل المتكاسلين والمتثاقلين ، وإبعادهم من الركب الحسيني ،
ولو كان الإمام في طريقه للحرب لحفز هؤلاء كما حفزهم أمير المؤمنين (ع) في بعض
معاركه ،
بل نجد أكثر من ذلك عندما وصل خبر مقتل مسلم بن عقيل (ع) الى مسامع
الإمام ابلغ أتباعه فورا ، بغدر اهل الكوفة ، وذكر لأنصاره ان الموقف سيء ولا
يبشر بخير ، فمن جاء لأجل غنيمة ما ، فالفرصة ضعيفة جدا ، بل منعدمة واقعا ،
(٤) من أهداف حاكم الشام السياسية هو نزول الحسين على البيعة ،
والا فهو السيف ، فما كان من والي الكوفة الا تجييش الناس بقبائلها وعلى كل قادر
على حمل السلاح كما سمعنا من التاريخ ، لحسم المعركة بشكل سريع ، وتوريط اكثر عدد
ممكن من القبائٔل بدم الإمام لما يمثله من ثقل ديني واجتماعي في الوسط الموالي
وغير الموالي ،وهذا التحشيد كفيل بتخفيف الضغط الشعبي المستقبلي لهذا القرار الجائر
،
0 تعليقات