محمود جابر
لم يكن حدث الجمعة – إقامة صلاة الجمعة – حدثا عاديا فى المجتمع
العراقى الذى الموغل فى القبيلة والمذهب، وصاحب التقاليد الحوزوية الصارمة صرامة
تبلغ حد القتل والموات فى الآن نفسه، وهى حوزة تقليدية استاتيكية، وقد زاد سكونها
وطابعها المحافظ خاصة بعد رحيل السيد الخوئى وتولى السيستانى خلفا له .
فمع مطلع التسعينات كان العراق يشهد أحداث دراماتيكية لا تقل أهمية
عن حرب الخليج الأولى (1980-1988)، ولكن غزو الكويت، ومن بعدها الانسحاب العراقى
والحصار الامريكى، هذا على مستوى السياسة، أما على مستوى الحوزة النجفية ..
فالصراع كان وما يزال مشتبك ما بين الاثني – ممن هم خارج العراق- والطبقى – من بيوتات المرجعية التقليدية، وبالمشروعات
السياسية الظاهرة أو الخفية، وقد برز ت تمظهرات الصراع بعد وفاة أبو القاسم الخوئي
عام 1992 . وبروز محمد محمد صادق الصدر( الصدر الثانى ) في المشهد العلمي
والاجتماعي والسياسي في النجف الى احتدام هذا الصراع، ومنذ زمن طويل لم يعرف
المجتمع العراقى مرجعية عراقية الهوية والهوى والسمات في مواجهة تيارات شيعية ذات
ميول إيرانية، وشعبوية ...
وفى اللحظة التى كان يراد للشعبوية الدينية الحوزوية ان تكون احد أدوات
هدم النظام العراقى ظهرت مرجعية عراقية الهوى والهوية، استطاعت ان تكسر حالة الفتور،
واستطاع الصدر الثانى الذي كان يقبع تحت الإقامة
الجبرية منذ عام 1980 بسبب إعدام أستاذه وقريبه محمد باقر الصدر، وقد خاض الصدر
الثاني - وهذا ما بات يعرف به لاحقا- ثلاث معارك كبرى تداخلت وتسلسلت تبعا لمعطيات
كثيرة ..
الأولى كانت ضد الولاية العامة (ولاية الولي الفقيه ) للمرشد آية الله
الخامنئي حيث طرح نفسه بديلا وولي فقيه في العالم الشيعي..
الثانية كانت ضد المرجعيات التقليدية في حوزة النجف (الحكيم والسيستاني
والنجفي والفياض) ..
الثالثة ضد نظام صدام حسين حينما حاول أن يسحب البساط أو المشروعية من
تحته وسواء كان التوقيت خطا أو صواب ولكن هذا كان واقع الظرف الذى عاشه الصدر
الثانى وخاض من خلاله معركة صلاة الجمعة ...
الشاب الذى عاصر إعدام ابن عمه وأستاذه بعد عام واحد كانت لها ابلغ
الأثر على تكوين حركته التى كان يخطط لها فى ظل ظرف أمنى كان له اكبر الأثر فى
تغيب ذكره عن ساحة الحوزة الدينية وغير مذكور حتى مع من تدرج في التراتب الفقهي من
تلاميذ الخوئي طوال عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينات . حيث ظهر منهم فقهاء
كبار ينافسون على المرجعية الكبرى في العراق بعد وفاة المرجع الأعلى أبو القاسم
الخوئي الإيراني الاذري الأصل الإيراني الجنسية عام 1992 كل من (علي السيستاني الإيراني
الجنسية) و (إسحاق الفياض الأفغاني الجنسية) و (بشير النجفي الباكستاني الجنسية) و
(عبد الأعلى السبزواري الإيراني الجنسية) و (محمد سعيد الحكيم العراقي الجنسية الايرانى
الأصل)، وبعد وفاة السبزواري عام
لقد خاض محمد الصدر (الثانى) المعارك الثلاثة متوازية معا منذ ان
تصدى للمرجعية ، فكانت معركته مع المرجعيات التقليدية في حوزة النجف، و طرح لنفسه
كولي فقيه وآمر بإقامة صلاة الجمعة، والمعروف ان هنالك خلافا فقهيا على شروط إقامتها
بين المراجع الشيعة، وهذه الخطوة فتحت عليه معركة مع ولاية الفقيه في إيران
وزعيمها الولي علي الخامنئي، الذي يطرح نفسه كولي فقيه لعموم الشيعة والمسلمين في
العالم أما المعركة الثالثة فكانت مع النظام العراقي الذي بدأ المشوار داعما
لمرجعية الصدر العراقية لأسباب تكتيكة في مواجهة المرجعيات غير العربية في الحوزة لتنتهى
تلك المرحلة والمعارك الثلاثة باغتيال الصدرالثانى ونجليه عام 1999م في حادث
اكتنفه الغموض فى بيئة عدائية مركبة ما بين الديني والسياسي والاجتماعي والطبقى والدولي
.
وللحديث بقية
0 تعليقات