محمود جابر
لم يكن حدث الجمعة – إقامة صلاة الجمعة – حدثا عاديا فى المجتمع
العراقى الذى الموغل فى القبيلة والمذهب، وصاحب التقاليد الحوزوية الصارمة صرامة
تبلغ حد القتل والموات فى الآن نفسه، وهى حوزة تقليدية استاتيكية، وقد زاد سكونها
وطابعها المحافظ خاصة بعد رحيل السيد الخوئى وتولى السيستانى خلفا له .
وكان حدث الجمعة فى فترة من اشد فترات العراق اختلافا وانغلاقا
واحتراب، مجتمع منقسم على هويته الوطنية والدينية، يعانى من حرب وحصار، وحالة من
الشك والتشكك، وخاصة فى ظل معارضة تتخذ لونا مذهبيا معينا وتحمل السلاح فى مواجهة
النظام بل وتقاتل فى الصفوف الامامية فى مقابل الجيش الوطنى العراقى، وهى فترة
ربما لم تختبر الحوزة النجفية اختبارا مماثلا لمثل هذا الاختبار طول تاريخها
الالفى .
فتلك المعارضة المسلحة كانت سببا مباشرا فى الاحتقان والاحتراب بين
النظام وبين قطاع دينى وعشائرى مهم فى المجتمع العراقى، وقد بلغ الاستفزاز قدره فى
ان دفعت تلك الجماعة النظام الى قتل احد مراجع التقليد الكبار فى النجف، وهو الصدر
الأول – محمد باقر الصدر- اثر توافد مجموعات منهم او بدافع منهم لمبايعة الصدر الأول
قائد لما أطلقوا عليه الثورة الإسلامية ضد النظام، واعتقد والكلام خارج السياق ان
دفع الجموع الى مبايعة الصدر الأول كانت هدفها زيادة احتقان المجتمع العراقى
والتخلص من الصدر الأول فى آن واحد ووضع المجتمع كله على حافة الهاوية والجنون ..
وما يدفعنا لهذا القول تكمن فى برقية الخمينى للصدر والبيانات التى كانت تذيعها إذاعة
طهران العربية ولا يمكن ان يكون هذا العمل تم بعفوية أو دون قصد .
فبرقية من الخمينى الى الصدر عبر إذاعة طهران لمغادرة العراق
وقيادة الثورة الإسلامية من طهران، ثم وفود كثيرة تبايع الصدر فى العراق كل هذا
ليس الا اعلان حرب من جهة على النظام الذى يعانى أزمات فى الداخل وخيانات واضحة واى
متابع غير حصيف – فضلا عن الحصفاء - سوف يستنتج ان نهاية هذا العمل لن يكون سوى
تقديم الصدر للإعدام .
وفى هذا الخصوص لا يمكن ان ننسى ما قام به الصدر من الرجوع فى
التقليد وتأييده لمرجعية واعلمية السيد الخوئى ثم كلام ابن عمه موسى الصدر وتقديمه
الخوئى على الخمينى فى الاعملية ..
هذا بعض من معالم البيئة الجغرافية التى سبقت حدث صلاة الجمعة،
والذى سوف نرصده بشىء من التفصيل غير الممل .
يتبع
0 تعليقات