رأفت السويركى
"النخبة العربية" مقولبة الذهنية بما جرى تشكيلها عليه
من ثوابت تضليلها؛ ولا تريد أن تقبل بأية جهود لتفكيك ما أسموها "هزيمة القرن
الأميركية" في أفغانستان؛ ولا تحاول إدراك جهود تجريب القراءة الأخرى
المغايرة لما تشكلوا به.
هذه النخبة تراها تُصنف حيناً جهد "التفكيك الفكراني"
بأنه ينطلق من "نظرية المؤامرة" التي كما يظنون بوجدانهم المشوه أن
أصحابها يفسرون كل ما يحدث في العالم بأنه "مؤامرة"؛ وحيناً آخر
باستنكارهم، ورفض القول بمتغير الضرورات بأن يضع "الجهاديون" أيديهم
"الشريفة" كما يظنون في أيدي "الكفار" الذين يقاتلونهم لأنهم
لا يتوقفون عن مؤامرات إعطال جهود نشر الإسلام؛ وحينا مغايراً بأن حسابات
الأميركيين المرتبكة دوماً هي التي قادتهم للنتيجة الراهنة؛ أي الهزيمة أمام
"ميليشيات طالبان" المفترسة "حامية العقيدة؛ والتي هزمت أعتى
إمبراطورية معاصرة!
*****
"هذه النخبة" البائسة لا تريد ولا تحاول أن تخرج من
"قوقعتها" أو تتخلى عن أدوات فهومها المعتلة لتجرب ذات مرة "النظرة
من خارج الصندوق"؛ وتعيد الرؤية إلى المشكلات المتغيرة في الواقع؛ ولعلها
تحاول دراسة تصورات ما لا تتوقعه منطقوياً بغير قراءاتها النمطوية المعتلة. إذ
تفسر أية "قراءة مغايرة" باعتبارها خاضعة لـ"نظرية المؤامرة"؛
وهي لا تدرك أن التوصيف بـ "المؤامرة" يمثل "المؤامرة الحقيقية"
نفسها لصرف الانتباه عمداً عما يُسمى نهج السيناريوهات.
والسؤال: لماذا ـ هذه النخبة ـ تعجز عن الوصول إلى تصورٍ قارئٍ
مستشرفٍ لاستراتيجيات "سيناريوهات إدارة الأزمات" التي تبتدعها
"مكاتب التفكير الاستراتيجوية" الـ Strategic Thinking Office))؛ ويتم تطبيقها في
الواقع المعاصر باستخدام الذكاء الاستراتيجوى؛ عبر التمويه كثيراً؛ وأيضاً ادِّعاء
التحنان والرأفة؛ وكذلك تمثيل إسالة الدموع؛ ولا بأس من إشهار "انتصار
الآخر" عليها كأنه اعتراف المنهزم؛ بعد أن قام بتوليف الخصم وترويضه كما تروض
الكلاب؛ ليندرج ذلك الخصم شاء أم أبي في السيناريو الجديد الموضوع؛ بعد أن ألقيت
له قطعة/"هبرة" من اللحم يلتذ بطعمها وإلاَّ...!!
*****
النخبة المتهافتة والمتسمِّرة جموداً؛ سواء أكانت في المربعات
"العقدوية" أو "الإيديولوجية" أو "التنشطية" ينطبق
عليها قول الشاعر الراحل "نجيب سرور": "ربك خلقها كده راح تعمل إيه
فيها"؛ وحاشا لله!!.
لذلك فهي ـ هذه النخبة المعتلة ـ في حقيقتها تمثل "مربط
الفرس" في موضوعة "نكبة هذه الأمة" عبر ادِّعائها
"التثورن" و"المناضلة"، وترويج أكاذيب سعيها ومتشوقها لتحقيق
الديموقراطية؛ فيما هي لا تملك أولى مقومات الوعي بالثورية والنضال وقبول الرأي
الآخر المُغاير؛ وتجريب الخروج من صندوقها.
0 تعليقات