كتب: مهند الصالح
كما أن الأيام دول
بين الناس في الصحة والمرض، والفقر والغنى، والحزن والفرح، وليس هناك شيء يستقر
على حاله قط في دار الفناء التي يقلبنا الله فيها كيف يشاء.
ولنا في قصة سيدنا
أيوب -عليه السلام- أسوة حسنة؛ حيث كان عليه السلام صاحب أموال وفيرة وذرية كثيرة،
يتقلب في نعم الله ونعيمه، حتى ابتُلِي بأشد أنواع البلاء في جسده وماله وولده،
فغرق في بحر الضر والمرض والفقر، وأصابه من المحن ما أصابه حتى لم يتبقّ من جسده
مغز إبرة سليماً سوى قلبه، وفقد كل ما يعينه على حال الدنيا من مال وأصحاب، ولم
يبق له إلا زوجته التي حفظت ودّه والوفاء دهراً، وظلت تخدمه ما يقارب ثماني عشرة
سنة، وحين رفضه القريب والغريب كانت هي -رضي الله عنها- لا تفارقه في الصباح
والمساء إلا من أجل لقمة العيش، من خلال خدمة الناس بالأجرة، ولا تلبث أن تعود
لخدمته ورعايته.
ولم يكن من سيدنا
أيوب -عليه السلام- إلا الصبر والاحتساب والتضرع إلى الله بالدعاء، وبعد أن طال
عليه الأمر، واشتد به الحال دعا الله تعالى قائلاً: {ربي إني مسّني الضر وأنت أرحم
الراحمين}، فاستجاب له ربه وأبدل حاله من قاع الأذى إلى قمة الفرج، فذهب ما به من
بلاء، وأعاد الله تعالى امرأته شابة حتى وُلد له أضعاف ما فقد من ولده عند البلاء،
جزاء صبره وإنابته وثباته.
ومن هنا كان التغيير
واستحالة دوام الحال من سنَن الله في خلقه جرت حتى على صفوة الخلق صلوات الله
وسلامه عليهم أجمعين، ولذا خلق الصبر كأفضل خيارات التقوى على المعاناة وتبدل
الأحوال، ولم أَجِد بعد الصبر أجلّ وأعظم من الدعاء، وفِي ذلك القصص كثيرة،
والتجارب جمة،
إذن متى سيرى
العراقيون يومهم بعد أن كانت الأيام كلها عليهم هل سيرون خيرا بعد ثمانية عشر عاما
من الضر كما حصل لنبي الله أيوب أم ان المنال لايزال بعيد .
ان ماجرى ويجري هذه الأيام
من حراك على مستوى القيادات والأشخاص يمنحنا الأمل في تغير الحال الى الأفضل رغم
كل المعوقات التي يضعها البعض في طريق التغير ورغم الأطماع في البقاء في السلطة
وعدم فسح المجال للآخرين لانتشال البلد من الانحدار للاسوء.
لذلك لابد انا من ان يكون لنا في السلف قدوة
حسنة ونعمل ما بوسعنا على هذا التغير ليس بالصبر فحسب إنما بالعمل على هذا التغير.
لذلك نجد ان ما بين
غمضة عينٍ وانتباهتها يُغيّر الله من حالٍ إلى حالِ.
لم يخلق الله الدنيا
دائرة عبثاً، وإنما جعل الدوران كرسالة كونية لعباده، يشير بها الى تغيّر الأحوال،
وكأننا نسير في حياتنا في منحنيات؛ فتارة نكون في القمة، وتارة نسقط في القاع! وهذه
سنة الله في الدنيا، لذا قيل مجازاً إنه يوم لك ويوم عليك!
وأسأل الله لنا ولكم لباس الصبر والعافية،
والثبات في الدين والدنيا والآخرة.
0 تعليقات