حسن مطر
في الفرض الذي يكون فيه المسلم مريضاً بعذر يقعده عن الصلاة والصوم
فيموت مع العذر، هل يُقضى عنه ما فاته من صلاة وصوم؟
عند أهل السنة لا يقضى عنه وهو الرأي المختار الذي يسير عليه
الأزهر من بين مختلف آراء السلف من الصحابة والتابعين وعلماء الفقه، مع جواز
التنفل - عند رأي - عن الميت بالصلاة أو الصوم (له لا عنه) إذ لا تجوز النيابة فهي
فرض عين. بل حتى إهداء ثواب الصلاة والصوم للميت مختلف عليه بين معارض كما عند
الشافعية والمالكية والنووي وابن عبد البر استنادا لعدة أدلة بينها الآية
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، وبين الحنفية والمالكية.
أما بالنسبة للشيعة الامامية، فهناك أبواب في كتب الفقه حول قضاء
الولي عن الميت والنيابة الاستئجار لقضاء العبادات، حيث تُبتنى قاعدة جواز القضاء
عن الميت استنادا لجواز النيابة عنه تطوعاً أو بمقابل. وفي الصورة الأخيرة تتسم
بعقد العمل ما قد تنافي معاني وروح العبادة التي تتم بدافع القربى لا بدوافع
الأجرة! فهناك صلاة استئجارية وصوم استئجاري وحج نيابي، وهذا الحج يجوز حتى أداؤه
عن حي عاجز وليس بالضرورة ميت!
ومناط الحكم بقضاء الولي هو المرض مع مجرد
تمكن الميت من القضاء لكنه لم يقض إهمالا أو تسويفاً حتى أدركه
الموت، هذا في قبال آراء أخرى توجب القضاء مطلقا في المرض حتى لو لم يتمكن، إلى
درجة قضاء الصلاة التي دخل وقتها ولم يصلها الميت بسبب الموت. ويلحق بالمرض السفر
حتى لو لم يتمكن الميت من القضاء كما لوكان مسافراً في رمضان وأفطر وجوبا -
كالسائد عند الشيعة - ومات قبل انقضاء شهر رمضان، فيجب الصوم عنه!
يقول الخوئي في كتاب الصلاة، ص 324 " إن فوات الفريضة من
الميت موضوع لتكليف الولي بالقضاء عنه، وهذا لا يفرق فيه بين أن يكون الفوت منه
لعذر، أو عصيانا، لإطلاق النصوص السليمة عما يصلح للتقييد".
والمشهور أن الولد الأكبر البالغ (الذكر) يتولى القضاء عن الأب...
مسكين!
أما القضاء عن الأم ففيه خلاف بين الاحتياط والوجوب والاستحباب.
هذا بالإضافة إلى موارد عدة تتأرجح بين الوجوب والاحتياط الوجوبي في هذا الموضوع
كله.
أما إذا كان الأب لا يصلي ولا يصوم فالموضوع كعش الدبابير لا
يستحسن الدخول فيه، لتباين الآراء والمفارقات.
هل يعكس هكذا فقه – بغرائبه ومفارقاته - خللا منهجيا في أصوله
وآلياته بما يؤدي إلى الانصراف عن مقاصد الدين وسماحته؟
0 تعليقات