علي الأصولي
تفهم الاختلاف العلمي وضبط النفس. نقد متصوفة الشيعة أنموذجا ..
يبدو لي بأننا لا ندرك معنى أن نتفهم الآخر الذي توصل لنتيجة علمية
بناء على مقدمات بحثية وأن كانت هذه المقدمات بنظرنا فاسدة. غير أنها بنظر الآخر
صحيحة وفق ميزانه المعرفي.
فما ان نجد احد ما ، يختلف معنا فكرة أو منهاجا ولا يضر هذا
الاختلاف السلامة الشخصية أو المجتمعية حتى نتعذر بوجوب ولزوم رده ووقفه عند حده.
ما أن نجد ذلك. نحاول أن نرد عليه ونضلله ونفسقه ونكفره لانه اختلف معنا في
النتائج. ولو التفتنا إلى أن اختلاف النتائج ناتج من اختلاف المقدمات الموصلة لها
وزوايا الموضوع وحيثياته. لهان الأمر وتفهم الآخر.
لا بأس وأن نذكر في المقام صورة أخلاقية علمية وطبيعة ضبط النفس في
صورة الاختلاف بل والخلاف.
فقد روى الشيخ عبد الله المامقاني في كتاب ( تنقیح المقال) ، عن
أبيه أن المولى البهبهاني سُئل عن الصلاة خلف الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق -
وكانا معاصرین - فقال : لا تصح .. وسُئل الشيخ يوسف عن الصلاة خلف البهبهاني ؟ .
فقال : تصح ..
فقيل له : كيف تصححها خلف من لا يصحح الصلاة بصلاتك ؟ ! ..
قال : وأي غرابة في ذلك إن واجبي الشرعي يحتم علي أن أقول ما
اعتقد. وواجبه الشرعي يحتم عليه ذلك. وقد فعل كل منا بتكليفه وواجبه .. وهل تسقط
عنه العدالة لمجرد أنه لا يصحح الصلاة خلفي ؟ انتهى.
وللشيخ محمد جواد مغنية (قدس) تعليقة على هذه الرائعة وهو يقصد
الشيخ يوسف البحراني : أرأيت هذا القلب الكبير الذي لا يخفق بغير الإيمان؟ . أرأيت
هذا الصدر الرحب الذي يتسع للعدالة ، وان تكن عليه لا له ؟ .. أرأيت هذه النفس
التي لا تعرف ألا الصدق والإنصاف والتواضع.
نعم: إن الشيخ البحراني قد تمتع بأعلى درجات ضبط النفس تجاه فتوى
الوحيد البهبهاني المتشدد برؤياه وبعض فتاواه ومع ذلك التمس له العذر الجميل. ولو
صادفت هذه الحادثة في اعصارنا لاحترق الأخضر بسعر اليابس واعتبرنا هذه الفتوى -
عدم جواز الائتمام بالصلاة - تسقيط تقف خلفه عقدة إذ لم نقل مؤامرة!!
0 تعليقات