آخر الأخبار

"أردوغان" يلعب بالإخوان رقصة "عَجِيْن الفلَّاَحة" و"نُوْم العَازِب" و"اتْشَقْلِبَ يا مَيْمُوْن"!!

 

 


 

 

 

رأفت السويركي

 

"القرود المستأنسة" تفتش دوماً عن " الْقُرَدَاتِيّ"؛ معلمها ومدربها أو باللغة الإنجليزية "monkey trainers "حسب "قاموس المعاني". وهو الشخص الذي يُكسبها الخبرات، ويوفر لها طعامها ليأمرها فيلوِّح لها بالعصا؛ طالباُ منها أن تؤدي الحركات التي يطلب أن تؤديها؛ فتستجيب له طيِّعة على الفور ـ وهي تطالع وجهه وشفتيه ـ غير متفكرة فيما يطلبه.

 

فإذا طلب "القرداتي"من القرد باسم "ميمون" أن يؤدي حركة "عجين الفلاحة" جلس وحرك يديه كأنه يعجن الدقيق؛ وإذا قال له عبارة "نوم العازب" استلقى على جانبه وهو يضم ركبتيه إلى صدره كأنه يشعر بالطقس البارد؛ و"إتشقلب يا ميمون" قفز في الهواء كالبهلوان... إلخ من الحركات التي تستجلب القروش من جيوب المتفرجين!!

 

*****

 



نظرية "القرود والقرداتي"ـ المنبنية على استدعاء الصورة الشعبوية التي اشتهر بها في الشارع المصري خلال القرنين الماضيين؛ وذكرها الرئيس المتأخون لمصر في غفلة من الزمان محمد مرسي العياط خلال اجتماعه مع الجالية المصرية في الدوحة ـ يمكن اكتشاف تطبيقها ـ في عالم الإسلام السياسوي المعاصر؛ بتلك التجربة المرئية المتجسدة في نمط علاقة التمازج بين الأغا العثمانلي "رجب طيب أردوغان"/ أو "قردوغان"حسب التعبير الساخر الذي راج في فضاءات التواصل الاجتماعوي و"جماعة حسن الساعاتي البنَّاء" الصهيوماسونية.

 

إن "علاقة التَّقَرُّد" السياسوية تلك بين "أردوغان" و"جماعة المتأخونين المتأسلمين" وصلت إلى مستوى من الفجاجة؛ وهي وإن كانت تمثل ظاهرة غير متفكر فيها إلا أنها تعبير عن واقع حقيقي متمترس في التوظيف السياسوي الساقط لعقيدة الإسلام؛ والذي يعتمد على مفاهيم سراديب المتوهم المسمى "دولة الخلافة" ثم "السلطنة العثمانية"؛ تلك التي شهدت الأمة بسببها أكبر انتكابة في تاريخها؛ حيث جعلتها رهينة للتخلف الحضاروي؛ وتسببت في إضاعة "فلسطين السليبة" ومنحها بِعِلْم ومسؤولية وموافقة سلطانهم عبد الحميد الثاني على استيطان الصهاينة بها؛ وكذلك تنازلها عن ليبيا لمملكة إيطاليا خلال قرون الاحتلال العثمانللي الستة للدول العربية.

 

*****

 


 

إن بناء النظرية السياسوية التي تجمع بين الأغا العثمانلي أردوغان والجيل الراهن من المتأخونين كان شيَّدها "حسن الساعاتي البنَّاء" على مفهوم أن الإسلام هو "دين ودولة"؛ والخلافة تقوم في حقيقتها على "أخلاقيات الفتح/الغزو"؛ وتكون شاملة جامعة لكل من كانت "جنسيته أو هويته الوطنية الإسلام"؛ فأنشأ جماعته المريبة باسم "جماعة الإخوان المسلمين" في العام 1928م، مستخدماً في ذلك متوهم "دولة الخلافة" غير المتفكر في مدى صوابية اصطلاحها؛ بالنظر إلى أن هذا النمط السياسوي (دولة الخلفاء الأربعة) انقضى؛ وأعقبها الدخول في نمط "السلطانيات" الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والمماليكية؛ واختتمت بالعثمانلية!!

 

لقد كان "حسن الساعاتي البنَّاء" في حقيقته يمارس الاحتيال بالمغالطة؛ مدفوعاً بتأثيرات "الفكرة الماسونية" المهيمنة على وجدانه الكامن؛ والمتظللة بلافتات "الأخوة الإنسانوية"؛ ليستصنع منها "الأخوة الإسلاموية"؛ وهي الفكرة التي وضع لها نسقاً يقوم على إعداد الفرد المسلم؛ فالأسرة المسلمة؛ فالمجتمع المسلم ؛ فالحكومة المسلمة؛ ثم إقامة الخلافة ليتحقق حلم "أستاذية العالم"!!

ومن هنا تتكشف مسببات "التماهي الماضوي المتأسلم" والاندماج السياسوي بين الأغا التركي رجب طيب أردوغان ذلك الحالم بإعادة استصناع "السلطنة المقبورة" لجدوده "العَثَامِنَة"؛ متوهماً أنه سيشغل موقع "الباب العالي" السلطانوي القديم؛ وبين عناصر جماعة حسن الساعاتي البناء الحالمين بمتوهم الوصول إلى مرحلة "أستاذية العالم".

 

*****

 


 

وتبدو هذه العلاقة لمن يعيد قراءة هذا التماهي أنها تقوم على "قاعدة الانتفاعية" المحكومة بالمصلحة وليس لخدمة عقيدة الإسلام؛ فالدولة العثمانلية كانت سلطانية ومتضخمة بالعوار الكبير في نظم الحكم والإدارة والتنمية؛ وتنوء بكل الموبقات المسلكوية بشرياً؛ وتعتمد على نهج سرقة ثروات الشعوب والسطو عليها؛ ونقل الحرف والحرفيين إلى مراكزها؛ لذلك تسببت في التخلف التاريخوي للأمة العربية على كل الأصعدة.

 

وفي المقابل كانت تلك الانتفاعوية تحكم فكرانيات الجماعة البنائية المتأسلمة؛ إذ تظن أن عودة السلطنة العثمانلية القديمة سيعيد بناء نظام الحكومة الإسلاموية؛ بما يساهم في هدم نمط الحكومات الوطنوية بالمنطقة؛ وتفتييت النوع الدولاتي المهيمن والمتسق مع تطورات حركة التاريخ؛ لإنشاء "حكومة الجماعة" الجامعة لكل الخريطة العقدوية.

*****

 

لذلك منذ ما تُسمى فوضى "الربيع العبروي المتصهين"؛ التي تعتبر مقدمة تنفيذ "سيناريو الشرق الأوسط الجديد" الهادف إلى تفتييت منظومة "الدولة الوطنوية/ القومية"؛ وإعادة صياغة المنطقة المتماسكة إلى نمط الـ "كانتونات" و"زنقات" و"ولايات" و"أمارات" وكلها تتحدد بالأعراق والمذهبيات والعقائد لكي تتوسطها "الدولة اليهودوية"؛ منذ ذلك الحدث الهادم لاستقرار المنطقة؛ جرى تصعيد فرق "الإسلام السياسوي" وتمكينها من الحكم؛ لاستكمال المشروع التدميروي.

 

وبدأت السيناريوهات الاستخباراتوية الأميركية/ البريطانية بتغذية أطوار إعادة استيلاد المتخيل الماضوي المتوهم في "السلطنة العثمانلية" عبر الأغا رجب طيب أردوغان و"مرشدية أستاذية العالم" عبر جماعة حسن الساعاتي البناء. وكل من الطرفين مدفوع بالمتوهم الفاسد؛ فبدأت قلاقل الربيع العبروي تساهم في تصعيد كوادر الجماعة للحكم حلاً لمشكلات إيقاف الاحتراب الداخلي والتدمير( سوريا العربية أنموذجا)؛ وترئيس محمد مرسي (مصر أنموذجا) وأخونة الحكومات( ليبيا وتونس والمغرب أنموذجاً)!

 

*****

 

وفي هذا الإطار بدأ الأغا العثمانلي بالتفويض الأميركي مشروع التحرك في حدود "السلطنة العثمانلية" القديمة وصولاً إلى أفغانستان عبر وظيفة "مقاول توريد ميليشيات" لهدم نظام الدولة الوطنوية؛ فأخذ ينقل ميليشياته المستأجرة من العراق إلى سوريا ثم إلى ليبيا... وهكذا؛ وفضلاً عن ذلك فتح في الوقت ذاته أحضان "الدولة التركية" لاستقبال واستيعاب كل مطاريد الجماعة البنائية الهاربين بتهمة الإرهاب؛ فاجتمع في اسطنبول ـ حسب التعبير المصري ـ الشامي والمغربي والمصري والخليجي؛ ليمارسوا تشويه الدول العربية بقنواتهم التلفازية المتمولة؛ واجتماعاتهم التآمروية انطلاقاً من عاصمة الخلافة العثمانلية المقبورة. وتحولت اسطنبول إلى مركز "التنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، ومصدر تحريك عناصرهم لتعميم القلق الفوضوي في بلادهم.

 

ولكي يضمن الأغا العثمانلي أردوغان مواصلة الهاربين خياناتهم لأوطانهم الأساس؛ واندراجهم في مخططات الهدم أخذ يوزع الجنسيات وجوازات السفر التركية عليهم بسهولة وبأسماء تركية للإفلات من الملاحقات القانونية عبر الانتربول؛ ومنهم المتأخون الهارب سيف الدين عبد الفتاح الذي حصل على الجنسية التركية؛ والهارب مدحت أحمد الحداد باسم "عبد الله ترك" والهارب أسامة محمد حسن جادو باسم "أسامة جاد أوغلو" والهارب محمد عبد العظيم البشلاوي باسم "مرات جول".

 

ولا يمكن تغافل حجم الاحتضان الاغواتي للكويتي الهارب إلى اسطنبول حاكم المطيري والمشهور بأنه المروج لفكر داعش لإدانته في أحكام كويتية بتهمة الإرهاب؛ والمشهور عنه حصوله على تمويل من القذافي؛ فهذا المطيري الهارب كان ينافق ويتملق القذافي خلال اللقاء معه بلقبه المفضل " الأخ القائد"؛ وهو لايزال يقيم في حماية أردوغان؛ مادحاً ومروجاً له وزاعماً بالكذب الساقط "أن تركيا تعرضت لهجوم من قبل الولايات المتحدة والغرب، ومن واجب جميع المسلمين مساعدتها كجزء من الجهاد"!!

 

*****

 

بل ومن المضحكات الدالة على استئجار هؤلاء المتأخونين وعمالتهم للأغا العثمانلي ما ذكره المتأخون الموصوف بـ "المتفلسف" التونسي أبو يعرب المرزوقي؛ وقد أبرز سقوطه السياسوي الكبير حين طالب بما أسماها "الهبَّة الإسلامية" تضامناً مع الأغا العثمانلي المتأخون أردوغان؛ وقد دعا "ماليزيا وأندونيسيا، بالإضافة إلى أغنياء المسلمين من الأفراد والشركات والجمعيات بتوجيه علماء الأمة، أن يشتروا من العملة التركية بالدولار، ما يفسد على الهاجمين عليها كل مسعاهم، فتصبح أقوى من كل محاولة لضربها، ولا يكلفهم ذلك شيئا لأنها يمكن أن تسترد بعد الهجمة إما نقدا أو عينا ببضائع تشترى من تركيا بعملتها عند تجاوزها الأزمة، وهذا سيفسد على الأعداء تهليلهم وشماتتهم"!!

 

وليؤكد غيبوبته التاريخوية وضلالته السياسوية يواصل الادعاء: " لو ينجح الأعداء - لا قدر الله - في ضرب تركيا، فالنكبة ستكون أكبر من نكبة سقوط الخلافة...". ووصل باقتراحه الساقط للقول:" كل مسلم من القادرين على تقضية أسبوع سياحة في الخارج، فليقضه في تركيا، وسيكون ذلك مساهمة شديدة الفائدة قد تقلل من حرب عملاء العرب على السياحة التركية". وهو بذلك يتناسى ما تتيحه السياحة التركية من سهولة "الدعارة" و"المثلية الجنسية" في "سلطنة العثامنة". بل يكشف عن وجهه أكثر باقتراحه: " من واجب كبار المفتين أن يفتوا أن الزكاة هذه السنة يحل صرفها في ودائع في بنوك تركيا واستردادها لصرفها في وجوهها"!!

 

*****

وفي إطار الأعاجيب نفسها يقوم المتأخون الهارب إلى اسطنبول أيضاً محمد عبد المقصود بإكساب"بيوت الدعارة في تركيا " صفة "الحلال"؛ ويمنحها منافقة أسباب المشروعية بقوله في مقطع فيديو إن أردوغان: " ليس مطالباً بتطبيق الشريعة جملة واحدة، لكن التطبيق بالتدرج، يعني بالدرجة التي لا تفسد عليهم أمورهم". ويقول للمعترضين على فساد دعوته: " بلاش السطحية في الأحكام"!!

 

*****

 

وهذا راشد الغنوشي المتأخون التونسي كان أسفر عن اندماجه المطلق في "الأردوغانية" حينما التقى الأغا محاولاً تمرير اتفاقيتين رفضهما الشعب التونسي؛ الأولى بمشروع اتفاقية بين الحكومة التونسية و"صندوق قطر للتنمية" حول فتح مكتب له بتونس.

 

والثاني باتفاقية للتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمار بين تونس وتركيا، وتسمح - في حال إقرارها - لرجال الأعمال الأتراك بالتملك في تونس. فضلاً عن اتهامات البرلمان التونسي للغنوشي في جلسة رسمية "بفتح ممرات لتهريب السلاح إلى مليشيات الوفاق في ليبيا، ضمن أجندة تركية معدة سلفا بالبلد المجاور"!!

 

إن الصورة ذاتها يُعيد أردوغان وجماعة حسن الساعاتي البناء استنساخها في كل الدول الأخرى؛ بتفاوت مرتبط بحالتي ضعف وقوة نظام الدولة؛ مثل ليبيا التي نقل إليها ميليشياته الداعشوية بترتيب فرع الجماعة هناك واليمن الحاضنة اللاحقة لهم؛ ويتفاوت الأمر في السودان والجزائر والمغرب؛ وبعض الدول في الخليج التي لم تُجَرِّم الانتماء لجماعة حسن الساعاتي البناء إلى الآن... مثل الكويت وسلطنة عمان وقطر الراعية والممولة.

 

*****

 

لكن بالإجمال فإن تجربة هيمنة "الْقُرَدَاتِيّ" على "القرود"؛ وانسحاق "القرد" أمام "الْقُرَدَاتِيّ" تتعدد صورها الجامعة بين العثمانلي طيب رجب أردوغان وكل قيادات أفرع تنظيمات جماعة حسن الساعاتي البنَّاء في البلدان التي يضع قدمه على أرضها مع انهيار نظام الدولة بها أو ضعفه. وفيها يطلب منهم أن يقوموا بآداء ما يطلبه منهم؛ وهو يُحبهم ويُحبونه؛ فيقبلون راضخين ما يطلبه منهم ولو حتى بآداء رقصة "ميمون" الشَّقْلَبَاظِيَّة و"عجين الفلاحة" و"نوم الأعزب". هذا هو معنى الكلام حول "أردوغان" و"الإخوان"!!

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات