علي الأصولي
العرفان هو طريق الباطن بحسب أدبياتهم. والباطن عالم وسيع فيه
متصوفة الإسلام ومتصوفة الديانات الأخرى الأرضية والسماوية.
ولذا نبهنا على التفريق بين مطلق العرفان والعرفان المطلق. حيث
الأول عام والآخر خاص.
ومن هنا كان بعض فقهاء الشيعة أمثال الشهيد الصدر الثاني.
من أرباب المسلك. ولكن لا المسلك العام بل المسلك الخاص الذي تتكون
مبانيه من بيانات أئمة الدين(ع). كما صرح بأحد للقاءاته المصورة. وقد ذكر مقولة
العرفان في بعض مؤلفاته ككتاب - ما وراء الفقه ج١٠ - على تفصيل في محله.
بيد أن بعض المسكونين بمقولة مطلق العرفان. حاول استعراض نص السيد
في كتابه - ما وراء الفقه - وكأن الآخر لم يطلع عليه قبلا. بل وحاول توظيف ما ذكره
السيد في أحد مؤلفاته ما نصه: ولهذا مزج عدد من الفلاسفة فلسفتهم بالعرفان فأصبحت
من هذه الناحية من أفضل الفلسفات وأجل المؤلفات منهم صدر المتألهين الشيرازي صاحب
كتاب: الأسفار الأربعة والشيخ ملا هادي السبزواري صاحب المنظومة في الفلسفة وله
حاشية جليلة على الأسفار الأربعة نحى فيها المنحى المشار إليه وهما معا موفقان في
هذا الصدد. أنتهى:
وحاول إيهام المتلقي على أن العرفان المقصود به ما نحاه صدر
المتألهين في فلسفته المعروفة ولا يخفى على غير المتخصص فضلا عن المتخصص أن فلسفة
صدر المتألهين تتكأ بأراءها ومشاربها على المنظومة الفكرية العرفانية لابن عربي
الأندلسي في الفتوحات والفصوص وغيرهما.
غير أن الخصم: لم يفرق بين العرفان المطلق ومطلق العرفان وبالتالي
السيد (رحمه الله) لم يشطب العرفان بقول مطلق بقدر ما قيده بعرفان أهل البيت(ع).
وهذا يعني ان جملة من النتائج الفلسفية الصرفة و الفلسفية التي كانت مبناها صوفية
لم يتبناها في عموم كتاباته.
وليت الخصم اطلع على - منهج الأصول ج٣ - مبحث الجبر والتفويض - بعد
ان عرض - رحمه الله - عنوان المسألة بحسب مختار أستاذه الشهيد الصدر الأول،
ومحتملاتها الخمسة: قال: السيد الشهيد الصدر الأول: الاحتمال الخامس: ذهب إليه
عرفاء الفلاسفة ومتصوفتهم. وحاصله: أن هذا الفعل له فاعلان: الله والعبد. وهاتان
الفاعليتان ليستا طوليتين. كالاحتمال الثالث والرابع. وإنما هي فاعلية واحدة. فهي
بنظر تنسب الى العبد وبنظر آخر تنسب الى الله تعالى . بناءا منهم على تصور
المخلوقات بأنها معان حرفية واستهلاكية و ربطية به سبحانه - الى ان قال - قده -
والخامس - اي الاحتمال الخامس - مبني على مسلك صوفي في الوجود لا نفهمه - انتهى:
نعم: لك أن تتخيل حجم الذهنية الأصولية التي تمتع بها المرحوم
الشهيد الصدر الأول - فلسفيا وأصوليا - يصرح عن مسلك بلفظ - لا نفهمه - وعدم الفهم
لا يعني انه جهل بالمطلب. بل لم يفهم طبيعة فهم عدم التفريق بين الخالق والمخلوق
والفعل ونسبته.
ولذا اعتبر السيد محمد محمد صادق الصدر ان هذه الأطروحة متفرعة على
القول بالفناء. ومآل أطروحتهم هو الجبر بالنتيجة. وإن حاول تصويرها وتهوينها إلا
أنه بالتالي رفضها في - منهج الأصول - وهذا ما اعنيه بأن السيد الشهيد لم يأخذ بها
عريضة وفلسفاتهم ومبانيها الصوفية. كما فهم من حسب نفسه من أهل فنهم ..
0 تعليقات