حمدى عبد العزيز
3 اكتوبر 2021
بنفس المنهجية العقلية التي كانت أحد أسباب النكبة الفلسطينية قامت
الهيئة فلسطينية المسماة ب(وعد الآخرة) بتنظيم مؤتمر في مدينة غزة يوم الخميس 30
سبتمبر 2021 الفلسطينية لدراسة واقع فلسطين بعد عملية التحرير .
، وأصدر مؤتمر (وعد الآخرة) التوصيات لمرحلة مابعد تحرير فلسطين
(وكأن المؤتمر ينعقد والواقع الفلسطيني قد دخل لحظة ترفع فيها الصهيونية أعلامها الاستسلام
البيضاء ، وبحيث لم يتبق علي الفلسطينيين إلا مهمة استلام مفاتيح المدن والموانئ الفلسطينية
اعتماداً علي بعض الخزعبلات والفتاوي) !!!!! ..
هذه ليست نكته
وهذا مؤتمر حقيقي عقد علي الأراضي الفلسطينية في غزة وفي فندق
الكمودور (فندق خمس نجوم) وحضرته قيادات فلسطينية كبري وخصوصاً من قيادات حماس علي
رأسها قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيي السنوار ولفيف من قيادات أخري في حماس
ومنظمات أخري حليفة لها طبقاً لما تدولته وكالات الأنباء والدوريات الفلسطيينية
وبرعاية وباحتفاء ودعم رسمي من منظمة حماس ..
بالطبع الأمر محقق للدهشة والسخرية التي تنتهي بالبكاء المرير علي
الحالة القيادية الفلسطينية.
ففي الوقت يلقي علي الفلسطينيين بمهمة مراجعة استراتيجيات النضال
الوطني الفلسطيني واستلهام الدروس من إخفاقات وتعثرات مسيرة التحرر الوطني
الفلسطينية بما يتجاوز ثلاثة أرباع قرن ، والبناء علي مواطن القوة والصمود في هذه
المسيرة لصياغة إستراتيجية نضالية أكثر فعالية وأكثر قدرة علي التعامل مع متغيرات
الواقع الفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي ، وأكثر قدرة علي تصحيح الأوضاع
السياسية والقيادية وعلي استحداث أدوات نضالية وأوضاع قيادية صحيحة ومعبرة عن
الشعب الفلسطيني وعن آماله وتطلعاته في استعادة حقوقه المسلوبة ..
في نفس الوقت
تخرج علينا قيادات فلسطينية بهذه الحماقة وهذا الغباء والتخريف
الهائل الذي يعطي للمشروع الصهيوني ذاته حجة ومشروعية لم يكن يحلم بها ..
فبيد بعض الفلسطينيين الذين يضعون قيمة العمامة فوق قيمة الوطن
يؤسسون لهيئة ولفعاليات وبيانات تعتمد المروايات التراثية الدينية العنصرية أساساً
لقراءة القضية في الحاضر والمستقبل ، وتجعل منها شرطاً يصادر علي الوجود الفلسطيني
المستقبلي ..
تماماً كما أسس الصهاينة مشروعهم علي أساس (الوعد الألهي) في أرض
إسرائيل المزعومة من النيل إلي الفرات ، وقصة ضرورة استباق مخلصهم (الماشيح) إلي
جبل صهيون بدلاً من انتظاره حتي يأتي آخر الزمان ..
نفس التخريف
أصحاب فكرة المؤتمر صدروا له استلهاماً علي نفس المنوال (وعد
الآخرة) ..
وكأن الصراع بيننا وبين الصهاينة (كما رآه ويريده عقل أمثال هؤلاء
منذ 1948 وحتي تاريخه) هو صراع علي (حق إلهي) ، ومن ثم فيتحتم علينا تفريغ كافة
المحاور الموضوعية المتعلقة بالصراع مع الصهيونية من جوهرها الأساسي كصراع مع عدو
استعماري استيطاني ذو طبيعة عنصرية ، له دوره الوظيفي لتخريب وتجريف إمكانات شعوب
منطقة الشرق الأوسط بكاملها ، والإبقاء عليها فريسة النهب الاستعماري والتخلف
والتشوه البنيوي ..
هذا هو عقل النكبة
وهذه هي مخرجاته ..
____________
0 تعليقات