علي الأصولي
ان ما نشهده في مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك مثلا. من فوضى
معرفية وكل يغني عن ليلاه. هي نتيجة طبيعية لتوغل مفهوم تعدد القراءات شرقت أو
غربت.
فالدعوة إلى تفكيك النص وترسيخ مفهوم لا نهاية المعنى التفسيري. مع
انها من الدعاوى الصحيحة في الجملة ولكن رميها بوسط مجتمع متعدد الثقافات والمدارس
والأفكار والمستويات سوف يتنتج لنا ثقافات بتعدد الأفراد ويكون المجتمع أشبه
بالمجتمع الهندي مثلا وتعدد المعتقدات إذ مع إيمانهم بالرب ولكن يتقاطعون بمصاديق
ذلك الرب!
نعم: إغراء المتلقي وكونه هو من يحدد النص وفقا لفهمه وثقافته
وترسيخ مفهوم أن ما وصل إليه ليس بالضرورة هو الحق القراح سوف ينتج مشاكل حتى داخل
الأسرة الواحدة!
هذه المفاهيم. تم اقتباسها من - رولان بارت - موت الكاتب - أي: إن
المعنى "لا يقطن مع كتَّاب بذاتهم، ولكن يتولَّد عن طريق التفاعل بين
التراكيب الواسعة للمعنى الثقافي وتفسيرات القُرَّاء".
تعالوا الى الويكبيديا : لمعرفة ما هي التفكيكية، إذ نصت على أن
التفكيكية منهاج أدبي نقدي ومذهب فلسفي معاصران ينحوان إلى القول باستحالة الوصول
إلى فهم متكامل أو على الأقل متماسك للنص أيا كان، فعملية القراءة والتفسير هي
عملية اصطناعية محضة يؤديها و يقوم بها القاري الذي يقوم بالتفسير. بالتالي يستحيل
وجود نص رسالة واحدة متماسكة ومتجانسة. وتستخدم التفكيكية (( للدلالة على نمط من
قراءة النصوص بنسف ادعاها المتضمن أنها تمتلك أساسا كافيا في النظام اللغوي الذي
نستعمله ، كي تُثبت بنيتها ووحدتها ومعانيها المحددة)). وأي مناقشة للتفكيك لابد
أن تبدأ بالقارئ، وتجربته التي لا يوجد قبلها شيء. فهو يفكك النص ويعيد بناءه وفقا
لآليات تفكيره. أي يعتمد على آليات الهدم والبناء من خلال القراءة.
ويلاحظ التقاء الهرمونطيقيا مع التفكيكية في النتيجة.
وبالجملة. أن الدعوة إلى دراسة نصوص القرآن والسنة دراسة بلاغية
منفكة عن سياقها، تدرس فقط على أنها نص أدبي ، وينظر في معاني ألفاظها ودلالاتها
كانت متأثرة بهذه النظرة إلى حد ما لا محصل لها وسوق النتائج الموضوعية ..
ربما فات الكثير من دعاة تعدد القراءات. فاتهم عدم وجود فرق جوهري
بين تعدد القراءات وبين تعدد الاجتهادات.
فحسبوا أن لا فرق يذكر بين الموضوعين. ولذا حاول بعضهم فتح الباب
على مصرعيه ممهدا بوجوه صناعية وشرعنة تعدد القراءات بكل ما أوتي من قوة فكرية
وتوظيفها في هذا الشأن، ومن هؤلاء أسماء بارزة في الوسط الديني الفقهي.
والذي أحاول ان أنبه عليه في المقام هو بيان الفرق الجوهري الذي
غفله البعض،
ويتلخص هذا الفرق ببساطة شديدة. بكون أن التعدد القراءاتي أعم من
الاجتهاداتي. بلحاظ ان الثاني بيئته تفرض عليه ضبط ادواته من جهة والنظر إلى
موضوعاته من داخل إطاره من جهة أخرى. وهذا مما لا يتسنى للأول - اي تعدد القراءات
- فهي لا تخضع لقواعد وأدوات منضبطة ولا اطار محدد سلفا.
ومن هنا يمكن رد دعوى عدم الانسجام وفتح باب الاجتهاد والأعراض بل
وغلق باب تعدد القراءات. بما حاصله: عدم الضبط بالأدوات والقواعد والأطر. والتي
تجدها في العمليات الاجتهادية منضبطة.
والتمسك بضرورة الضبط هو للحفاظ على نتائج النظر ففي الاجتهاد
نتائج منضبطة وبتعدد القراءات مخرجاتها فوضوية لخضوع القراءات للأمزجة والانتقائية
والاستحسانات وغيرها من الأمور الغير علمية بالتالي ..
من بركات تعدد القراءات بلا ضابط نسبية الأخلاق!!
يرى شبستري وغيره أن الأخلاق نسبية. وما كانت صالحة في زمانها فهي
غير صالحة لزمان غيرها.
وقد سار على ما قرره مجتهد شبستري بعض مقلديه أمثال - العسر - فهو أيضا
حاول أن يموضع أخلاق النبي (ص) بموضعها وعلى حد تعبيره - ويقدرها بقدرها - ولعل
الجميع يتمسك وقصة التعامل مع السبايا والإماء مما كانت والثقافة الرائجة آنذاك..
وهذه القراءة هي محاولة صريحة بشطب تقرير قرآني من الصراحة بمكان (
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ).
نعم: أن شبستري أخذ مثالا على مدعاة وشخصه بعلي بن أبي طالب(ع)
بينما المقلد أخذها عريضة وذهب صوب النبي الأكرم(ص).
بتعبير آخر : لا يمكن أخذ القدوة النبوية أو العلوية لكل الأزمنة
ولا يمكن جعل سلوك الأوائل - مهما علا - موضع اقتداء لغير الأزمنة لاختلاف
المصاديق و الموضوعات.. لأنه بالتالي ذلك السلوك العالي لا يلزم أن يكون عاليا في أزماننا
هذه.
وبالرغم أن هذه الدعوة عريضة وكبيرة وخطيرة كذلك لأنها تمس بشكل
مباشر المرجعية الأخلاقية الاقتدائية وسقف الناس أو أتباع النبي (ع) أو الإمام علي
(ع) فلا مناص والإجابة على هذه القراءة المتطرفة.
ونرد بها على الأستاذ أو مقلده بل نرد بها على كل من يأخذ المسلمات
ومخرجات هذه القراءات بلا تثبت..
الشيخ حب الله في كتابه - شمول الشريعة - الفصل الثالث - اتجاه
تحديد دائرة الشريعة محاولات لتكوين نظرية محددة –
نص على إجابة تصلح في المقام:
اختصرها بما يلي:
وهي أن نمائذجية الأنبياء والأوصياء نماذج منهاجية وليست
تطبيقياتهم للقيم بنفسها نماذج لنا. انتهى بتصريف..
يعني بتعبير آخر : ان النماذج النبوية العلوية مثلا هي نماذج
منهجية وبما أن ذلك الزمن تحرت النماذج على لزوم العدالة فهذا الزمن أيضا لزوم أن
نتحرى ولزوم العدالة. فصيغة العدالة تختلف من زمن لآخر مع أن النموذج منهجي كفيل
بضمان الاقتداء مع اختلاف التطبيقات. فالتأسي بالنبي(صلى الله عليه وآله) لازمه
اتخاذ قوانين مراعاة العدالة بحسب تطبيقات هذا الزمان وعرفه..
وكيف كان: وكما ترى اي دعوة متطرفة وأن كنت تجد ظاهرها انيق غير
أنها تتسم بسطحية المفكر وأن طوقها بعشرات العناوين وحشد لها مئات المصطلحات ..
حكم المصافحة بين الرجل والمرأة بحسب نظرية الأخلاق النسبية ..
المعروف فقهيل حرمة المصافحة بلا عازل بين الرجل والمرأة الأجنبيّة.
قدم استفتاء للشيخ حسين علي المنتظري المرجع المعاصر من قبل جماعة
في أوروبا، حول موضوع مصافحة الأجنبيّة،
فأجاب بجواز وأباحة مصافحة المرأة غير المسلمة مطلقاً، بل وكذلك
المسلمة مع عدم استلزام المصافحة للفتنة ولا لهتك حرمة الطرف الآخر، كما رأى أنّ
الضرورة العرفيّة كافية للتجويز.
وقد مال جملة من طلبته على ما حكي وغيرهم للجواز ومنهم الباحث
اللبناني الشيخ حيدر حب الله.
وحاول هذا الباحث ان يجد فقهيا من القدماء او المتأخرين يرى الجواز
فما وجد بحسب قوله إلا الشيخ ابن سعيد الحلّي الإمامي (689 أو 690هـ)، وحسب تعبيره
وقد يظهر من عبارة أين سعيد الحلي - لاحظ قد يظهر - يعني استظهار –
قد يظهر من عبارته أنّه يرى كراهة المصافحة دون الحرمة، بل ظهر لي
أنّه من الصعب العثور قبل زمن العلامة الحلّي (726هـ)، على نصوص فتوائيّة إماميّة
واضحة ومباشرة تحرّم المصافحة.
وقوله: بل ظهر لي انه من الصعب العثور قبل زمن العلامة على نصوص
فتوائيّة إمامية واضحة ومباشرة تحرم المصافحة لا دليل على ان ما قبل العلامة يرون
الجواز بل عدم ذكر فتوى تحريم المصافحة من واضحات الأمور في الذهنية المتشرعية.
بالتالي عدم ذكر الفتوى لا يلازم القول بإباحة المصافحة.
بالتالي: من جوز المصافحة بصرف النظر عن ملاحظة قيوده بالفتوى هو
لأجل ملاك عدم هتك حرمة المرأة بعدم المصافحة.
وحجتهم أن أدلة التحريم فيها مناقشات وبخاصّة على ما مسلك عدم
حجيّة خبر الواحد الظنّي، فالتحريم في هذه الحال إذا بُني فلابد أن يُبنى على
الاحتياط ..
يتبع ..
0 تعليقات