محمود جابر
الاحتجاجات فى إيران لم تنقطع من قبل عهد الرئيس أحمد نجاد (2005) وحتى
الآن، والفساد فى إيران وان كان يتمظهر بشكل فردى إلا أنه حالة مؤسسية نستطيع أن
نصفها بكل سهولة بأنها فساد منهجى وعلى مستوى إدارة البلاد، بل على مستوى العقل
السياسى الناظم ووفق لطبيعة الاقتصاد الرأسمالي – الريعى.
فخلال فترة الرئيس نجاد احتلت قضية "زنجانى " مساحة واسعة وكشفت أبعاد
الفساد فى البلاد، فقد بلغت حجم الفساد والاختلاس حوالى 542 مليار دولار، وبلغت الآثار
الاقتصادية فى هذه القضية حوالى 3 مليار دولار، ووفقا لتقرير إسحاق جهانغيرى نائب
الرئيس روحانى – السابق – فإن اجمالى حجم
الفساد المالى فى إيران بلغ نحو 170 مليار دولارا فقدت من صندوق التنمية الوطنية
الايرانى بما يساوى نصف الموازنة العامة للدولة الايرانية .
وقد اصدر مركز توثيق حقوق الإنسان فى إيران حجم الفساد فى ست قضايا كبرى فى
إيران بأكثر من 18 مليار دولار بين عامى 2011- 2015 بما يمكن ان يمول حسب
الانفوغراف التوثيقى أكثر من 150 الف منحة دراسية، أو 893 ألف فصل دراسي، أو 127 ألف
سرير فى مستشفى، أو 435 ألف منزل جديد، كأمثلة على خسائر الفساد على صعيد حقوق الإنسان
الاجتماعية والاقتصادية .
هذا وقد احتلت إيران المرتبة 138 من اجمالى 180 دولة فى مؤشر مدركات الفساد
لعام 2018م، بما يضعها ضمن الثلث الأدنى من مؤشر أسوء فساد فى العالم، وهو ما يعكس
ارتفاع منسوب الفساد العام فى إيران.
وفى تقرير للبرلمان الايرانى لعام
2009 بوجود 4500 ملف فساد يخص مؤسسات وشخصيات نافذة، كما يشير تقرير آخر بارتفاع
معدل الفساد فى ايران بين (1984- 2010) حيث ارتفع معدل الفساد من 8792 قضية فساد
الى 256990 فى نهاية 2010م، بما يعنى تضاعف قضايا الفساد 29 مرة فى 26 عاما!!
وهو ما أشار إليه مؤشر الفساد حيث تراجعت إيران من المرتبة 88 إلى المرتبة
173 بين عامى 2004 – 2009م.
وتؤكد التقارير ان حوالى 60% من تجارة إيران الخارجية تتم من خلال وسطاء
بعيد عن قواعد التنظيم الحكومي، وان عدد الموانئ غير القانونية فى إيران قد تجاوز
مئتى ميناء، وبلغت قيمة السلع المهربة سنويا حوالي 10 مليار دولارا، وهذا ما أشارت
إليه منظمة أبحاث السوق السوداء، والتي أشارت ان نسبة التهريب فى إيران تصل الى
13% من مجمل تجارتها الخارجية عام 2002، كما يشير تقرير آخر ان الفساد والمحسوبية فى
القطاع المصرفى قد أسهم فى الانفجار الاجتماعي والانتفاضات التى بدأت فى 2017،
وكان ذلك على اثر تدمير مدخرات آلاف المواطنين نتيجة حصول العديد من كبار
المسؤولين والمتنفذين على قروض كبيرة لم يتم سدادها مما أدى الى تعثر القطاع
المصرفى وهشاشة القطاع المالى ككل فى البلاد .
وكما قلنا ان الفساد فى إيران ومن خلال التقارير العديدة المتوفرة يكتسب
طابعا هيكليا يتعذر التغلب عليه، وان طبيعة الاقتصاد الايرانى طبيعة رأسمالية
ريعية وهى التى تسيطر على قطاعات اقتصادية متعددة كقطاع النفط، فالاقتصاد الايرانى
ووفقا للناتج المحلى لعام 1017م، تبلغ نسبة الصناعة التحويلية فيه حوالى 12%، فيما
تبلغ الصناعة الاستخراجية نحو 9%، والزراعة 10%، لتبقى الخدمات 65% من اجمالى
الناتج المحلى.
وتمثل عائدات النفط فى ايران 80% من مكاسب البلد من النقد المحلى، ونحو 60%
من إيرادات الحكومة، و34% من الناتج المحلى الاجمالى، وهذه الأرقام تؤكد ريعية
الاقتصاد الايرانى ويوفر مزيد من مؤشرات الفساد داخل المؤسسات الحكومية مما يؤدى
الى تفاقم ممارسات الفساد .
0 تعليقات