حيدر حبّ الله
السائد عند فقهاء جمهور المسلمين عدم اشتراط الإسلام في الذابح،
فتحلّ ذبيحة غير المسلم في الجملة عندهم. لكنّ المعروف المشهور بين فقهاء
الإماميّة هو القول بهذا الشرط. والمنسوبُ لابن الجنيد، والصدوق، وابن أبي عقيل من
المتقدّمين عدمُ الحرمة.
وبمرور الزمن، بدأت وجهة النظر المخالفة للمشهور ـ والتي ترى حليّة
ذبائح أهل الكتاب إذا أحرزنا تسميتهم على الذبيحة ـ تأخذ حضوراً ولو على مستوى
البحث الفقهي غير الفتوائي، وصولاً لعصرنا الحاضر، فقد ذهب للحليّة بعض العلماء،
ومن أبرزهم: الشيخ محمّد جواد مغنيّة، والسيّد محمّد محمد صادق الصدر في كتابه ما
وراء الفقه، والسيّد محمّد حسين فضل الله، والسيّد تقي القمي، والشيخ محمّد هادي
معرفت، والشيخ محمّد إبراهيم الجناتي، والسيّد كمال الحيدري وغيرهم.
واحتاط وجوباً ـ ولم يفتِ ـ عددٌ من الفقهاء منهم: السيّد محمّد
باقر الصدر، والسيد محمود الهاشمي، والسيد علي السيستاني، والسيد محمد صادق
الروحاني (في بعض كتبه الفتوائيّة)، والسيّد محمّد تقي المدرّسي مع قبوله بالحليّة
في حال الحرج.
وتعتبر هذه المسألة من القضايا التي وقعت فيها اختلافات عديدة بين
الروايات، وأوجبت ذكر سلسلة من الحلول، كان السائد تقريباً من بينها حمل روايات
الترخيص في ذبيحة أهل الكتاب على التقيّة، في حين كانت النصوص التي تعلّل الأمرَ
بالأمن على الاسم، مع مرجعيّة موافقة الكتاب، مع الفهم التاريخي المقارن، أولى
بالاعتماد وأوضح.
والذي توصّلتُ إليه بنظري القاصر، هو عدم اشتراط الإسلام ـ ولا
الانتماء المذهبي الخاصّ ـ في الذابح، بل الشرط الحقيقي هو تحقّق ذكر اسم الله على
الذبيحة، وهنا إذا كان غير المسلم ممّن لا يتأتّى منه ذكر اسم الله كما لو كان
ملحداً لا يؤمن بإله، فلا تحلّ ذبيحته، لا لأنّه غير مسلم، بل لأنّ التسمية غير
متوفّرة، أمّا إذا كان غير المسلم ممّن يتصوّر منه التسمية الحقيقيّة، كما لو كان
من أهل الكتاب، بل من غيرهم، وكذلك بعض فرق المسلمين الملحَقين عند كثير من
الفقهاء بالكفّار كالنواصب والخوارج وأمثالهم.. فهنا حالتان:
أ ـ أن نثق أنّ الذابح نطق باسم الله حال الذبح، والمفروض تأتّي
ذلك منه، ففي هذه الحال تحلّ الذبيحة.
ب ـ أن لا نحرِز أنّه ذكر الاسم على الذبيحة، بل إمّا نجزم بعدم
ذكره له أو نشكّ شكّاً حقيقيّاً، فهنا لا تحلّ الذبيحة. وهنا يظهر الفرق بين ذبيحة
المسلم وغيره، فإنّ ذبيحة المسلم حال الشكّ في ذكره اسم الله عليها حلال، وليست
كذلك ذبيحة غير المسلم.
0 تعليقات