علي الأصولي
الأصل الأصيل في مساحة عالم الإمكان وهذه الحياة. توجد حقائق
مطلقة. من قبيل المعادلات الرياضية والهندسية والمستقلات العقلية.
وعلى ضوء هذا الوجود الذي هو وقوع مقولة الحقيقة المطلقة إذن: نفي
الحقيقة المطلقة من أصل ودعوى الحقيقة النسبية خلاف الواقع الموضوعي.
على إننا ندعي أن النصوص القرآنية تقع ضمن حصة الحقيقة المطلقة
فشمول القرآن الكريم للحقائق المطلقة نعتقده جدا في المقام.
وبعيدا عن محاولة الاستدلال
القرآني على وجود الحق والحقائق المطلقة - دفعا لأي إشكال قد يثار - وهذا الاستدلال.
فإننا نقول ان المتن القانوني الذي تمت صياغته لحفظ النوع ان قبل من جعل هذا المتن
قابل للقراءات والاجتهادات بلا ضابط فهذا معناه نسف العقد الاجتماعي من أصل. إذ ان
الناس يمكن ان تتفص من الالتزامات القانونية بدعوى نسبية النص القانوني.
هذا على مستوى متن قانوني فما بالك بكتاب تشريعي وهو القرآن الكريم
وغايته هداياتية من لدن عزيز حكيم. فإن فتحنا الباب بلا منهج ولا ضابط ولا ميزان
أمكن تصحيح صلاة بعض غلاة المتصوفة واعتبار ان الصلاة هي صلة بين الله والإنسان
يمكن إحرازها بالتأمل العميق على طريقة تأملات اليوغا.
وكما ترى ان فتح مثل هذه الأبواب فساد ما من بعده فساد وانحراف لا
يعرف مصيره بالتالي. لأن هدم المرجعية المعرفية بدعوى - إن دين كل فرد هو عين فهمه
للشريعة - وبالتالي تصحيح أعمال الكل بدعوى - الصراطات المستقيمة - وكل الطرق تؤدي
لروما.
ويمكن تمثيل ذلك أن يد السارق تقطع بالسرقة مثلا ومعلوم ان للسرقة
كيفية مشهورة وهي التخفي وسرعة اليد والحركة ونحو ذلك. ولكن إذا تمت مواجهة سارق
سندات مالية مثلا وتحويلات مصرفية عن طريق آلة الحاسوب وخورزميات عالم الإنترنت.
فله ان يتفص من تهمة السرقة بدعوى ان فهمه للسرقة هو السطو على بيوت الناس
ومحلاتهم ومصارف الحكومة ونحو ذلك.
ومع ان ملاك السرقة حصل بصرف النظر عن طبيعة أعمال السرقة فأصحاب
خطابات النسبية لا يمكن ان يواجهوا السارق بسرقته. لأن فهمه للسرقة غير فهم الآخر
.. وهو كما ترى فوضى في فهم النصوص بناءا على تعدد افهام النص بحسب أفراد الناس
بلا ضابط ولا منهجية ولا حقيقية مطلقة للنص.
هذا مثال: والأمثلة كثر في العبادات والمعاملات ونظام الأسرة
والسياسات وغيرها من المسائل التي إذ لم تضبط بمرجعية مفسرة ومترجمة ومشخصه
وبمنهجية علمية وإذا لم تشخص على ان النصوص حقائق مطلقة برتبة سابقة فالفوضى هي
البديل.
بالنتيجة: من مساوىء مقولة الهرمنيوطيقيا هي فتح الباب على كل دجال
معتد اثيم. بلحاظ ان النص لا يملك حقيقة موضوعية ومفتوح الفهم الى ما لا نهاية. التي
من مآلات هذه المقولة اجتماع التناقضات. وهذه الفكرة هي التي ابعدت المعصوم (عليه
السلام). من الساحة العلمية والاجتماعية والسياسة. لأن للمعصوم قراءة واوجدوا في
قبال قراءاته قراءات أخرى. واعتبروا ان القراءات الأخرى في عرض واحد على طريقة -
بأيهم اقتديتم اهتديتم - فالإمام الصادق (عليه السلام). كالليث بن سعد او الاوزاعي
مجتهد في قبال مجتهد.
والأمور طيبة!
هناك كتاب قرأت بعض أوراقه في الشبكة العنكبوتية جدا ممتاز للسيد
مرتضى الشيرازي تحت عنوان - نقد الهرمنيوطيقيا - يمكن للأخوة ومطالعة ذلك الكتاب.
وقد كتبت في بعض كتاباتي عدة مقالات في الرد على جملة من كتاب إيران في هذه
الموضوعة منها الرد على شروس ومنها الرد على شبستري وغيرها تصلح للمقام وما نحن
فيه.
وهذا لا يعني الإشكال في مقولة باطن او بطون القرآن الكريم سواء
كانت بطون عرضية مصداقية او طولية. أقول: بصرف النظر عن فرضيات ومعنى البطون التي
تعدد مسالك العلماء فيها كما هو مدون في محله. البطون وفهم تاؤيلها مرجعها المعصوم
(عليه السلام). كما هو ثابت في علم الكلام. بعني هناك ضابط وهناك مرجعية لافاق
البطون القرآنية وليست شريعة لكل وارد.
المسلمون في فهم القرآن على ثلاث آراء.
١). أصحاب الظاهر.
٢). أصحاب الباطن.
٣). أصحاب الظاهر والباطن.
بالتالي: الوصول لظاهر القرآن الكريم من خلال التفسير والوصول
لباطنه من خلال التأويل.
وما نعتقد به أن عملية التأويل تنطلق من ارتباط النص بالله وغرض
الله وقصده من العملية التأولية وهذه العملية لابد من أن تكون تحت إشراف وأنظار
قناة الله الرسمية وهذه القناة الرسول الأكرم وأهل بيته الكرام (عليهم الصلاة
والسلام). هذا على نحو الأصل الأولي.
وأما محاولة فصل النص القرآني ومؤلف هذا النص عن المشهد بقول مطلق
وتكليف المتلقي - مطلق المتلقي والقارىء - بمهمة تاؤيله وما يفهمه كما هي نظرية
نصر حامد ابو زيد مثلا ممنوعة جدا نصا وعقلا ..
أنا لا ارغب وفتح هذا الملف في هذا البحث والدرس بل أردت بيان
الخطوط العامة التأصلية وكيفية معرفة الدين عن اي طريق واي قناة واي وسيلة. ولذا
كانت بداية الدروس حول قراءات القرآن الإجتهادية عند الناس ورفض حجيتها. وعروجا
على كيفية تحصيل الدين من أهله وطريق قناة اهل الدين وأئمته. وانتهاءا على كون
الكتاب مع توفر نصوصه للحقائق المطلقة وهذه الحقائق بيد المعصوم (عليه السلام).
نعم: كانت هذه الدروس مشتملة على أبحاث قرآنية وفقهية وأصولية
وتاريخية وكلامية ورجالية وكلها تخدم في البحث الموضوعي في خارج الفقه على نحو
التأصيلات والتقعيدات وصولا للبحث الفقهي الخاص وانتهاءا للنتائج المفضية لكل ما
قيل وقال في المقام .. والحمد لله رب العالمين ..
0 تعليقات