آخر الأخبار

الأسير المنتصر والسجان المهزوم

 

 


 

هادي جلو مرعي

 

    معادلة لاتجد لها مثيلا إلا في فلسطين بلد الصبر والصمود والعهد المتجدد مع الرفض للذل والاستسلام، بلد اليقين بالنصر الموعود، بلد الشبان الذين تمنطقوا بالعزم بلاحدود، وواجهوا السجون والسجانين في معركة لابد من منتصر فيها ومهزوم، وفي كل يوم نصر جديد للأسرى، وإنكسار جديد للسجانين، ففي فلسطين وحدها دون غيرها، يرتعد السجان ويتبختر المسجون، ويطبع العبوس وجه السجان، والإبتسامة تزين وجه المسجون الذي يقول لسجانه، سيأتي اليوم الذي لايكون لك مكان بيننا، ولو كان في السجن طالما إن السجن على  أرض فلسطين، فنحن في أرضنا والسجن فيها لها ولنا، أما أنت فغريب، ولايليق بسجن على أرضنا أن يسجن فيه غاصب معتد مثلك، ومكانك سيكون بعيدا عن هنا. هناك بعيدا وبعيدا جدا، وليس مهما أين يكون هذا البعيد، المهم أن تغادر والى الأبد.

 

     الإرادة سلاح الفلسطيني الصامد الذي يبتسم مع شدة الالم ولايستسلم، ويتحول الى مثال وقدوة ويكون عنوانا راسخا يهتدي به الباحثون عن المجد، والرافضون للذل والإستخفاف والعبودية، وليكونوا هم المستخفون بعدوهم الذي سيتحول في يوم قريب الى منبوذ لامكان له ولاجود ولاعنوان، شرط أن يستحضر المظلوم عزما وصبرا وتحديا وإرادة لاتقهر ولاتنكسر لأن قدر شعب فلسطين ان يقاوم ويصمد ويصبر على المحن، ويقدم الشهداء والمضحين، ويتحمل الحصار والتجويع، وينظر الى الأقربين وهم يبتعدون، ويضعفون طمعا وخوفا، ويتنازلون عن حقوق ليست لهم، ولكنهم ظنوا أنفسهم أوصياء على ماليس لهم فيقررون أن يتنازلوا عنه لينالوا الرضا ولن ينالوه أبدا، ويبيعوا قضية الشقيق، بدلا من مساندته ومناصرته.

 

     كلما إشتدت المحنة، وصبر المضحون كلما تأكد نصرهم، وتأكدت هزيمة عدوهم وإنكساره وخيبته، فالذي يبحث عن الحق يدركه طالما كان مؤمنا به مدافعا عنه، والذي يتمسك بالباطل يخذله، ويتخلى عنه ويفارقه مثل إبليس حين يتخلى عن أعوانه، والمستجيبين لزيفه ووساوسه المضلة التي لاتنفع في شيء سوى إنها تطوق أعناق مريديه بالذنوب التي لامنجى منها ولامهرب ولاخلاص مطلقا، وقدر الفلسطينيين ان ينوبوا عن الإنسانية جمعاء، فيقفوا في وجه الباطل، ويتصدون لعدوانه وجبروته وتمرده على القيم الإنسانية، ونهبه لخيرات الشعوب وتهميشها وتركيع أبنائها لمجرد إنه قرر ان الأرض ارضه والتاريخ معه متجاهلا زيف مايأتي به من أباطيل وخزعبلات وأساطير قديمة لاتصمد أمام البراهين القاطعة، وتنهار وتتحول الى كثبان تذروها الرياح.

إرسال تعليق

0 تعليقات