آخر الأخبار

هل انت مجتهد؟

 

 




عز الدين البغدادي

 

ما دفعني لكتابة هذا الموضوع امران: الأول: هو سؤال طرحه علي عدد من الاخوة وهو: هل أنت مجتهد؟ لا سيما وانك كتبت عدة كتب عن الاجتهاد.

 

وثانيا: سؤال من بعض الاخوة عن بعض الشخصيات الحوزوية: هل فلان مجتهد؟ وهل يملك إجازة اجتهاد؟

 

اجبت عن السؤال الأول: لست مهتما جدا لهذا الأمر او هذا الوصف، لأني اعتقد أنّ إضافة مجتهد لا تعني شيئا لا سيما مع ضعف النظرية الفقهية، ولكثرة مدعي الاجتهاد الشكلي، والأهم لأني اعتقد بأن هناك ما هو اهم من الاجتهاد.

 

نعم هناك أمور كثيرة اجتهدت فيها، ولي آراء خاصة بي بينتها في كثير من كتبي، لكني لست من هواة الألقاب ( آية، حجة) كما إني أنظر للاجتهاد نظرة مرنة، فهناك أمور أرجع فيها إلى غيري، وهناك أمور أترك فيها رأيي لرأي غيري اذا رأيته أصوب عملا بالسيرة العقلائية وقوله تعالى: ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) وخلافا للرأي السائد الذي يرى أنّ المجتهد لا يجوز له أن يقلد غيره، وهو ما ناقشته في كتاب "نقد نظرية التقليد".

 

لكن أرجع وأقول بأنّ الاجتهاد ليس هو الأهم، وهو أيضا ليس صعبا بالدرجة التي يروج لها البعض. فمنذ أكثر من ألف سنة والفقهاء يناقشون نفس المسائل تقريبا، النصوص التي تمثل الأدلة محدودة والمسائل محدودة، وبالتالي يمكن لطالب العلم أن يصل درجة الاجتهاد مع بذل الجهد المناسب، وعندها سيرجع ليناقش أمورا تمت وتتم مناقشتها منذ مئات السنين، ونسبة التغير فيها قليلة جدا. ولا شيء فيها غير إيراد إشكال، أو دفع إشكال.

 

أقول هذا رغم نتاجي العلمي كما ونوعا، إلا أني اعتقد أن زيادة شخص يحمل لقب مجتهد لن تزيد شيئا، ومن هذا يتبين جواب السؤال الثاني: ليس المهم هو الاجتهاد، بل المهم هو الفلسفة التي تقف وراء الفقه: هل ستكون قادرا على التمييز بين الأحكام المقيدة بزمن ما وغيرها؟ بل هل لديك التفات لهذا الأمر أساسا؟ هل تستطيع ان تتجاوز النظرة الطائفية علميا واجتماعيا؟ والأهم أن تدرك بأنها أي قاعدة شرعية. هل تمتلك رؤية في الفقه السياسي يمكن ان ترتكز على المصلحة والقيم لا على مناقشة الروايات وحسب؟ هل تستطيع أن تحافظ على قيم الإسلام التي هدرتها الرؤية الفقهية الضيقة؟ هل تستطيع ان تتفهم مشاكل المجتمع واحتياجاته؟ هل ستتجاوز القواعد الصناعية للفقه وتؤسس لفقه يلبي احتياجات الحياة؟ هل تمتلك الجرأة لتشخيص الغلو ونقد الطقوس التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي تزداد باستمرار؟ هل تستطيع ان تقف بوجه الاستبداد والفساد موقفا جدّيا واقعيا منتجا، وليس مجرد انتقاد بارد كما نسمع أحيانا في بعض خطب الجمعة؟ هل تمتلك رؤية عن تطبيق الشريعة تتجاوز تلك الرؤية الهزيلة التي تقدمها أحزاب الإسلام السياسي؟ هل ستستطيع تقديم رؤية حضارية للإسلام؟

 

هذا برأيي هو المهم، وأما أسئلة من قبيل: هل إنّ زيدا مجتهد ام ليس بمجتهد؟ وهل لديه إجازة اجتهاد أو ليست له؟ وهل هو حجة أم آية؟ أو هل لديه براني أو ليس له؟ فكلها أمور لا قيمة لها ولا تزيد ولا تنقص.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات