عز الدين البغدادي
أن تكون "متديّنًا" لا يعني أن رؤيتك للأمور صائبة
دائمًا، بل ربما يكون هذا التديّن عائقًا أمام الفهم، وبالنتيجة ستضيع فضيلتان
أساسيّتان: أخلاقيّة وهي التواضع، وعلميّة وهي التّفكير المنهجي.
فالتديّن والمعرفة أمران مختلفان مفهومًا، وعدم التّمييز بينهما
يؤدّي إلى أمر خطير لا بد لطالب العلم الشرعي، وغيره، أن يفهمه ويعيه. كثير من
النّاس عندما يتجه إلى التديّن تتكوّن عنده حالة نفسيّة من اليقين والثقة بالنفس
وهو يشعر أنه صار أقرب لله.. والخطر هو عندما يؤثر هذا على المفاهيم العلميّة،
فيتصور أن مفاهيمه العلميّة تخضع لنفس "اليقين" الدّيني الذي يشعر به،
وأنّها سوف تجر إلى اليقين المعرفي.
أخطر شيء أن يقع المتديّن في حالة القطعيّة المعرفيّة، عندما يعتقد
أن شعوره الإيمانية يعطي لنظريّته قوّة.. بعضهم بمجرّد أن يتّجه نحو التديّن يطلق
لحية ويحمل المسبحة، ويصبح عنده شعور خطير بأن الله معه وأنّه يُلقي الحكمة على
لسانه، وبمجرّد أن يصبح متديّنًا يكون كلامه حجّة على من حوله، وإذا قرأ بعض الكتب
فويلٌ لمن حوله، وإذا كان معه بعض محدودي الذكاء ممّن يعجبون به فهنا تعظم المصيبة.
0 تعليقات